والفساد ويفقد ثرواته الفطرية بالتدريج، ويكون في النهاية عضوا فاسدا في المجتمع.
ومن الفطريات عند الإنسان إدراك لزوم الوفاء بالعهد. وكما أن حب الذات، والغريزة الجنسية، والحاجة إلى الغذاء والمأوى... من المقومات الضرورية للحياة، خلقها الله تعالى بصورة غرائز في طبيعة الإنسان فان الوفاء بالعهد من المقومات الضرورية لسعادة المجتمع، وقد جعل الله تعالى إدراك حسنه وضرورته في باطن كل انسان.
الادراك الفطري للوفاء بالعهد بذرة غرسها الله تعالى في تربة قلب الطفل، والأساليب التربوية الصحيحة التي يستخدمها الوالدان بمنزلة سقي تلك البذرة لإنباتها. فإن لم يخدع الطفل في العهود والمواعيد التي تمنح إياه، فإن هذه البذرة الفطرية تضرب بجذورها في قلبه، ويلتزم بعهوده فينشأ إنسانا وفيا دون أن يفكر في نقض العهد، أما إذا كان الوالدان ينقضان عهودهما، ويخدعان الطفل، يعدانه ثم لا يفيان له، أو يلتزمان أمامه لشخص آخر بشيء ثم لا ينفذان ما التزما به، فإن الطفل ينشأ نقاضا للعهود وخداعا، لا يشعر بمسؤولية تجاه وعوده. إن الوالدين الناقضين لعهودهما يلقنان الطفل بسلوكهما المنحرف درس الخروج عن العهد والتخلف عنه ، ويعلمانه أن الانسان يستطيع أن يكذب، أن يخدع الناس، أن ينقض العهد.
«لاحظوا أننا عندما نعجز عن تهدأة الطفل وإسكاته بالطرق الاعتيادية والطبيعية نلجأ إلى الخديعة، نتشبث بالوعود الزائفة، ونركن إلى التهديد والتوعيد. ما أكثر الأمهات اللائي يعجزن عن إسكات اطفالهن عندما يردن الخروج من البيت فيعمدان إلى أن يعدنهم بشراء بعض الفواكه أو الدمى عند العودة، بينما يراهن الأطفال عند عودتهن إلى البيت صفرات اليد. ما أكثر الأمهات اللائي يكذبن على الطفل عندما يردن أن يناولنه دواء مرأ فيقلن له: إنه حلو. هذه الأمثلة كثيرة إلى درجة أننا نتمكن - مع الأسف - أن نملأ الصحائف الطوال عن هذا الموضوع، كثيرا ما