العجز يجعله تحت ضغط روحي فيحس بالضعة والحقارة، ويتألم من حرمانه هذا وتألمه الآخر ناتج من تحقير الأفراد السالمين إياه واستهزاءهم منه... ذاكرين عجزه ذاك بصورة إهانة وتحقير. ولعل هذا الألم الناشئ من استهزاء الناس منه أكثر من أمله الناتج من شعوره بالنقص والحرمان.
عاش الجاحظ (1) في القرن الثالث الهجري، وله كتب وآثار كثيرة. ولقد كان قبيح المنظر جدا، مقربا عند الخلفاء العباسيين لعدواته لعلي بن أبي طالب عليه السلام.
وقد قال يوما لتلاميذه: إنه لم يخجلني طيلة عمري أحد كما فعلت امرأة ثرية، فقد لقيت امرأة في بعض الطرق وسألتني في أن أصحبها ففعلت. حتى أتت بي إلى محل صائغ للتماثيل ، وقالت له مشيرة إلي: كهذا الشيطان... فبقيت حائرا من أمرها، ولما انصرفت سألت الصائغ عن القصة، فقال: لقد استعملتني هذه المرأة لأصوغ لها تمثال شيطان. فقلت لها: إني لم أر الشيطان كي أصوغ تمثاله، فطلبت مني أن انتظر حتى تجيء لي بتمثاله... واليوم جاءت بك إلي وأمرتني أن أصوغه طبق منظرك» (2).
القاضي الدميم:
ونموذج آخر ي السخرية بالاشخاص المصابين ببعض العيوب الظاهرية نجده في قصة القاضي المصري رشيد بن الزبير. فقد كان من القضاة الماهرين والكتاب العظام في عصره، وكان ذا خبرة كافية في علوم الفقه والمنطق والنحو والتأريخ... عاش في القرن السادس الهجري. لقد كان ذا قامة قصيرة، أسود اللون، ذا شفتين غليظتين، وأنف كبير، ومنظر قبيح جدا. كان يعيش في شبابه في القاهرة، ويسكن مع عبد العزيز الإدريسي وسليمان الديلمي في بيت واحد.
فخرج يوما وتأخر في العودة إلى منزله، وعندما عاد سأله زملاؤه عن سبب تأخره فأبى يجيبهم حتى ألحوا عليه فقال: كنت أعبر من المحل