الكمال للائق به متى ما استفاد من هاتين الطاقتين العظيمتين معا بصورة صحيحة وحسب مقياس سليم: « إن الله يأمر بالعدل والإحسان».
في هذه الآية الكريمة قارن الله تعالى بين إقامة العدل، والإحسان في جملة واحدة وأمر الناس بها بصيغة واحدة. العدل وليد العقل، والإحسان وليد العواطف.
إذا كان مجتمع ما يحكمه العدل فقط ولا يوجد فيه أثر للحب والعطف فإن الحياة تصبح باهتة وهامدة... لا أثر هناك للصداقة والمحبة، والسخاء والعفو، والرأفة والرحمة، ولا تشم من ذلك المجتمع رائحة للتعالي الروحي والتكامل النفسي، ولا حسنات الأخلاق والعواطف... الحياة في مثل هذا المجتمع تصبح جحيما لا يطاق. يستحيل في هذه الظروف أن ينال الأفراد الكمال اللائق بهم، لأن العواطف تشكل جانبا مهما من الفطريات الانسانية، ويجب أن تنال حصتها من التنمية والعناية كسائر الذخائر الطبيعية وذلك حسب شروط وعوامل معينة.
وإذا كان مجتمع ما تحكمه العواطف فقط، ولا أثر فيه للعدالة والقانون فإن الحياة تتحول إلى فوضى وشغب... وتصبح جحيما لا يطاق أيضا. في مثل هذا المحيط تصبح ميول الأقوياء وشهواتهم هي الحاكمة المطلقة، وتكون حياة الأفراد أشبه بحياة الوحوش والبهائم... الأقوياء يتجاوزون على حقوق الضعفاء، وعلى الناس أن يتوطنوا لكل ذلة وهوان في سبيل تحقيق أهواء المالكين بزمام الأمر.
على المجتمع أن يستفيد من العقل والعواطف، والعدل والاحسان جنبا إلى جنب فيستخدم كلام في محله. وعلى سبيل الشاهد نذكر المثال التالي: - العدالة وجزاء المعتدي:
العقل يستنكر التصرف العدواني لشخص على حقوق الآخرين. ولضمان