قال: نعم ولكني هجرته منذ مدة لأني لا أملك ما أبيع فيه.
فقال عليه السلام: إذا رجعت إلى الكوفة فاقعد في حانوتك واكنسه.
لا يوجد طريق لتدارك التدهور الاقتصادي الذي أصاب تاجرا بغير استعادة العمل والنشاط. وهذا لا يحصل مع اليأس والتردد، بل لا بد من العزم والاستقرار. ولذلك فإن الإمام عليه السلام قال له: «إذا أردت أن تخرج إلى سوقك فصل ركعتين ثم قل في دبر صلاتك: توجهت بلا حول مني ولا قوة، ولكن بحولك يا رب وقوتك، فأنت حولي ومنك قوتي» (1).
لقد عمل أبو طيار بوصية الإمام عليه السلام. ففتح حانوته ولم تمض ساعة حتى جاء إليه بزاز وطلب منه أن يؤجره نصف حانوته فوافق على ذلك شريطة أن يدفع أجرة الحانوت كله. فجاء البزاز وبسط أمتعته في نصف الحانوت، وهذا أدى إلى أن يصبح للحانوت وجه جديد.
كان البزاز يملك عدة عدول من القماش لم تفتح بعد، فطلب أبو طيار منه أن يسمح له ببيع عدل منها على أن يأخذ الأجرة لنفسه ويعيد لجاره قيمة العدل. فوافق على ذلك، وسلمه عدلا. فأخذ أبو طيار العدل وعرضه في النصف الآخر من الحانوت. وصادف أن الجو أصبح باردا جدا في ذلك اليوم بحيث أقبل الناس على السوق يشترون الأقمشة لوقاية أجسامهم من البرد، وما أن غربت الشمس حتى كانت الأقمشة كلها قد بيعت.
وفي هذا يقول أبو طيار: «فما زلت آخذ عدلا وأبيعه، وأخذ فضله وأرد عليه رأس المال، حتى ركبت الدواب واشتريت الرقيق وبنيت الدور» (2).
وهكذا نجد أن الأئمة عليهم السلام استندوا في جميع الموارد الحل العقد النفسية إلى قوتي العلم والإيمان، وبذلك أكدوا على دور الإيمان في الأخذ بيد الإنسان نحو طريق السعادة والكمال.
الختام