يعترف علماء النفس في كتبهم العلمية بقيمة الإيمان وتأثيره العميق في المناهج التربوية. ان الطفل الذي تربى في حجر الوالدين المؤمنين، وتلقى درس الإيمان بالله منذ الطفولة يمتاز على الطفل الفاقد للإيمان بميزات كثيرة. إنه يملك طيلة أيام الحياة روحا أقوى، واستقامة أكثر، وأملا أوطد... فهو يرى الله في جميع حالاته مشرفا عليه، ولذلك فإنه لا يتخلى عن واجباته ولا يفر من مسؤولياته ولا يقدم على الاجرام والاعتداء.
الخوف من اللوم:
بعد هذه المقدمة الوافية عن الحياء وأثره الاجتماعي ننتقل إلى صلب البحث فنقول:
إن الحياء من العوامل النفسية المهمة التي تستطيع ضمان تنفيذ القوانين ومنع الناس من الإقدام على الإجرام والتجاوز. هناك أفراد مستهترون ومتسيبون في كل مجتمع، مأسورون لأهوائهم وشهواتهم ولا يفهمون معنى للشعور بالمسؤولية واحترام القانون ورعاية الآداب، ولذلك لا يتورعون عن ارتكاب مختلف الذنوب والجرائم، لكن الحاجز الوحيد الذي يقف امام تنفيذ رغباتهم هو الحياء من الناس، ويخافون استياء الرأي العام واستنكاره فيمتنعون عن القيام بذلك. لأنهم يعلمون أنه إذا أقدموا على تلك الجرائم تعرضوا لسخط الجميع واستنكارهم، وعند ذاك تكون الحياة بالنسبة لهم جحيما لا يطاق.
يقول الإمام الصادق عليه السلام في حديثه للمفضل الجعفي، حول الحياء واثره النفسي : «فولاه لم يقر ضيف، ولم يوف بالعداة، ولم تقض الحوائج، ولم ينحر الجميل، ولم يتنكب القبيح في شيء من الأشياء. حتى أن كثيرا من الأمور المقترضة أيضا إنما يفعل للحياء. فإن من الناس من لولا الحياء لم يرع حق والديه، ولم يصل ذا رحم، ولم يؤد أمانة، ولم يعف عن فاحشة» (1).