وذاك. هذه الحالة النفسية تعتبر من الصفات المذمومة من وجهة نظر الدين والعلم، وان الأفراد الإتكاليين هم أحقر الناس.
إن ضرورات الحياة توجب على كل فرد أن يحتك بالآخرين ويعاشرهم، لكن الاحتكاك بالناس يختلف عن الاتكال عليهم. إن الإنسان العاقل يتصف بالأدب واللين في العلاقات الاجتماعية التي ينشئها مع الآخرين، فهو يحترم شخصية الآخرين، ويقابلهم بالبشر والحنان، ويراعي حقوقه وحدوده تجاه غيره... لكنه لا يرضى بالذلة، ولا يستسلم للهوان، ولا ينتظر من الآخرين أن يقوموا بالعمل الذي يجب عليه القيام به...
«وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والأستغناء عنهم. فيكون افتقارك إليهم إليهم في لين كلامك وحسن بشرك. ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك» (1).
الإتكال على النفس:
أما الإتكال على النفس فهو عبارة عن أن يستند كل فرد إلى نفسه، ويعتمد على عقله وعلمه، وسلوكه وأخلاقه، وعزمه وتصميمه، وجده وجهده، وأن يقف على قدميه في الحياة فيعلم أنه مسؤول بنفسه عن أفعاله الصالحة أو الفاسدة. لقد اعتبر هذا الموضوع في القرآن الكريم والأحاديث الاسلامية من أشد المسائل الدينية بداهة. وكذلك العلماء المعاصرون فإنهم يرون في الاعتماد على النفس أساسا لجميع النجاحات الفردية الاجتماعية، ويؤكدون على أن سعادة كل فرد تبتني على استقلال شخصيته واعتماده على نفسه. إن الأفراد الذين يعتمد على أنفسهم يشعرون بالاستقرار والهدوء، الأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم رجال نشاط وعمل، الأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم يملكون شخصية رصينة واستقلالا في الإرادة وطموحا كبيرا يجعلهم يغضون النظر عما في أيدي الآخرين، ولا يستسلمون للذل والهوان أبدا.