درجة أنها تبعث أعمق الجذور في نفسه، ولا تزول آثار ذلك مدى الحياة، وربما أدت إلى قلب مجرى الحياة بصورة تامه.
التهم الباطلة:
يركن بعض الزعماء في نشاطاتهم السياسية، وفي الحرب الباردة التي يشنونها ضد رقبائهم إلى أسلوب الدجل والافتراء وإلصاق التهم الباطلة بمعارضيهم. ومما يؤسف له أن هذا الأسلوب المنحرف كان موجودا في العصور السابقة وعصرنا هذا، وقد وقعت فيه الأمة الإسلامية بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، قليلا أو كثيرا.
لقد أقدم على هذا الأسلوب المنحرف معاوية بن أبي سفيان، بغية الحفاظ على كرسي الخلافة الإسلامية لبضعة أيام، ولغرض الوصول إلى الامارة على الناس... فأخذ يلصق التهم الباطلة بالمثل الأعلى للإيمان والإنسانية علي بن أبي طالب عليه السلام.
لقد سحق معاوية الأصول الإنسانية والإسلامية، واتهم عليا بترك الفرائض والانحراف عن الطريق المستقيم، وصرف في سبيل ذلك قسطا عظيما من بيت مال المسلمين. أمر جميع الموظفين والعسكريين أن يشتموا عليا في خطبهم بعد حمد الله والثناء على نبيه...
الخطباء على منابرهم، والمعلمون في مدارسهم، وأكثر الناس في أنديتهم ومجالسهم أخذوا يعتبرون سب علي من واجباتهم اليومية، وكانت هذه الخطة المشؤومة قدوة لجميع الرعية.
كان في أرجاء الدولة رجال شرفاء ومؤمنون يعرفون عليا حق المعرفة وكانوا على علم واسع بمكائد معاوية وأساليبه في الدعاية، ولكنهم كانوا يفضلون السكوت خوفا على أرواحهم من أن تزهق، وعلى دماءهم أن تراق. وإذا صادف أن صرح بعضهم بما يحمله من شعور تجاه ذلك الإمام العظيم في بعض الظروف والمناسبات، فقد كان يلاقي مصيره الأسود على يد معاوية أو جلاوزته! (1).