«لا شك أن الطفل يحتاج حاجة ماسة إلى المحبة، ولكن لا تلك المحبة المفرطة التي تحرك رغباته ومشتهياته فإن هناك قوانين لا تقبل التغيير تؤثر دائما - في كل عصر من العصور - في حياة المجتمعات. ومن تلك القوانين: أن يقرر كل فرد مستقبله بيده في ظل صبره وتحمله واستقامته. والطفل المعجب بنفسه والفاسد أعجز من أن يقوم بهذا الواجب. إنه يعيش في عالم خيالي غير متوافق، ويظن أبدا أن الإبتسامة البسيطة أو الإنكماشة الضئيلة ستحرك عواطف الجميع وشفقتهم».
«وبناء على ما يقول الدكتور آدلر في كتابه (تربية الأطفال) فإن الأطفال الذين نشأوا هذه النشأة يريدون أن يحبهم الجميع من طبيعتهم. ولو قلنا: ان هؤلاء الأطفال سيظلون مدى العمر مؤمنين بهذه الفكرة لم نقل جزافا. والحقيقة أننا نجد أن هؤلاء الأطفال يبقون على إعجابهم بأنفسهم حتى عندما يبلغون سن الشيخوخة... هؤلاء رجال قد يصلون بفضل مواهبهم وطاقاتهم إلى النجاح والموفقية، وإذا بهم حينئذ يفقدون كل إنجازاتهم بسبب أفعالهم الركيكة».
«ألا تصدقون أن الإنسان قد يواجه مرارا نساء في الستين من أعمارهن لا يزلن يعتقدن بأن خير أسلوب للحصول على ما يرغبن إنما هو التظاهر بالاستياء، والتزمت، والإعراض؟!» (1).
لعل كثير من الأباء والأمهات لا يدركون بعد خطر الإفراط في المحبة بالنسبة إلى الطفل إدراكا تاما، ولا يفهمون أنهم كيف يرتكبون ظلما كبيرا بأعمال ظاهرها الرأفة والحنان. إنهم يدفعون الطفل إلى الإعجاب بنفسه فينشأ تعسا في جميع أدوار حياته ومستقبله من جهة، ومن جهة أخرى يجعلون أنفسهم في عداد (شر الآباء) على حد تعبير الإمام الباقر عليه السلام.