كرة صغيرة، يرميها كذلك، ويكرر هذا العمل.. في إحدى المرات تصل الكرة إلى جانب الجدار ويأتي الطفل منحنيا ليرفعها فترتطم جبهته بالجدار... إن هذه الصدفة تعتبر للطفل جديدة ولا يعلم ما ينبغي أن يكون موقفه منها. هل يبكي أو يضحك أو يسكت؟! فهو متحير...
ينظر إلى أبويه كي يطلع على مدى تأثير هذه الصدفة فيهم، وعند ذاك يظهر رد الفعل المناسب تجاهها. ليس للطفل رأي في الموضوع، بل إنه يفعل ما فعله والداه، فإن ضحكا يضحك، وإن تألما يبكي، وإن سكتا يسكت ويستمر في لعبه.
إن هذه اللحظة ولحظات أخر مثلها شديدة التأثير في الطفل من الوجهة التربوية، فإن سلوك الوالدين السيء تجاه مواقف كهذا يترك أثرا سيئا في نفسية الطفل.
إن الآباء والأمهات الواعين لا ينظرون في هذه الأحيان الطفل أصلا، ولا يعتنون بتوقعه العطف والحنان منهما، ولا يعتبرون هذه الصدفة شيئا، وبذلك كله يفهمون الطفل عمليا أن الارتطام بالجدار، والسقوط على الأرض، وما يشبه ذلك حوادث اعتيادية في حياة الإنسان.
أما الآباء والأمهات الواعين لا يظهرون أي رد فعل للحادثة، ولكنهم يستفيدون من تلك الفرصة فينصحون الطفل قائلين له: عندما تقترب من الجدار أو العمود، تأخر قليلا حتى لا ترتطم جبهتك بالحائط عندما تنحني.
أما الآباء والأمهات الغافلون فإنهم يظهورن في مثل هذه الحوادث حنانا مفرطا، فيضمون الطفل إلى صدورهم ويقبلونه، ويمسحون بأيديهم على جبهته أو ما تألم من أعضائه، ويظهرون التأثر والتألم لما حدث للطفل وربما يضربون الأرض أو الجدار ترضيه للطفل، فيبدي رد الفعل أمام كثرة ما يلاقيه من حب وحنان، ويرفع صوته بالبكاء والعويل، ويسكب الدموع، ويرى نفسه أهلا للحنان بالنسبة لما حدث له... وعندما تتكرر محبة الوالدين الفارغة في