البحر والصحراء والجو، والمعدن والنبات والحيوان لصالحه وتسهيل سبل العيش لنفسه. إن أعظم الطاقات التي تفصل بين الإنسان وجميع الحيوانات وتمنحه هذه المنزلة من العظمة والشموخ هو العقل فالعقل هو المشعل الوضاء والمرشد القدير الذي يميز للإنسان الخير من الشر، والطريق الصحيح عن المتاهة... لكن الطاقة التي تحرك الإنسان في الطريق الصحيح أو المتاهة، والقوة التي تحفز في نفس الإنسان دوافع الخير أو الشر هي العواطف، وان التحركات الاجتماعية تنبع من المشاعر الداخلية للناس... فجميع مظاهر الشدة واللين، والحروب والجرائم، التضحية والإيثار تنشأ من العواطف أو المشاعر.
«يستخدم العقل المعلومات الواصلة إليه عن العالم الخارجي بواسطة الحواس ويهئ لنا وسائل عملنا في هذه الدنيا. إنه يزيد في قوة إدراكنا وشدة سيطرتنا بصورة عجيبة بفضل ما يمنحنا من اكتشافات جديدة. إنه يصنع لنا التلسكوبات العظيمة في كاليفورينا وجبل ولسن، التي تطلعنا على عوالم تبعد عنا ملايين السنين الضوئية، ومن جهة أخرى يمدنا بالميكرسكوبات الألكترونية التي يمكننا بواسطتها البحث عن عالم اللامرئيات، هذا مضافا إلى الآلات التي يمدنا بها في العمل على أشياء متناهية في الكبر، وأشياء متناهية في الصغر، وفي تهديم العمارات الصخمة التي تمثل عظمة التقدم الفني والمعماري خلال بضع دقائق، وفي اجراء العمليات الجراحية على الخلايا المعزولة، وتحطيم الذرة».
«العقل صانع العلم والفلسفة فعندما يكون متزنا يصبح مرشدا جيدا، ولكنه لا يمنحنا الشعور بالحياة والقدرة على العيش فهو لا يعدو أن يكون مظهرا من مظاهر النشاطات النفسية فإذا نما لوحده، بعيدا عن العواطف أدى إلى تفريق الأفراد وإخراجهم من حيز الإنسانية»