وقال إسحاق بن إبراهيم: إن الله لا يستحي من الحق، أبو عبيد أعلم مني ومن أحمد والشافعي!.
وأبو عبيد هذا من طبقة أحمد وأقرانه، فإن وفاته سنة 224 ه، وأما أبو إسحاق فهو المعروف بابن راهويه المتولد سنة 164 ه، والمتوفى سنة 238 ه.
وهو في سن أحمد ومن أقرانه، وسئل أحمد عنه فقال: من مثل إسحاق.
وقال النسائي: ابن راهويه أحد الأئمة، وقال ابن خزيمة، لو أن إسحاق بن إبراهيم كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه. وقال محمد بن يحيى الذهبي إن إسحاق اجتمع بالرصافة من أعلام الحديث منهم أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين وغيرهما فكان صدر المجلس لإسحاق (69).
وقال إبراهيم بن أبي طالب سألت أبا قدامة عن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد، فقال: الشافعي أفهمهم إلا أنه قليل الحديث، وأحمد أورعهم، وإسحاق أحفظهم وأبو عبيد أعلمهم بلغات العرب (70). وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم لإسحاق بالعراق نظيرا (71).
من خلال آراء العلماء والمحدثين في بعضهم البعض ورأيهم في بعض الأئمة وكذا أحمد بن حنبل. نرى أن شخصية ابن حنبل لم تكن ذات شأن كبير بالمقارنة مع أقرانه من مشايخ وعلماء الحديث. فهناك من هو أعلم منه وأفهم وكذا أحفظ منه للحديث ومعرفة بعلله وكذا جمعه وفقهه. ونحن ليس غرضنا التقليل من شأن الرجل أو الحط من مكانته العلمية، ولكن بيان حقيقة هذه المكانة العلمية. لأن الاختلاف حولها سينفجر في الأوساط العلمية عندما سيحاول أصحابه تأسيس مذهب فقهي وأصولي، ومحاولة نسبته إليه. فكان الخلاف يدور بين العلماء وأصحابه أولا حول مكانة أحمد الفقهية، حيث