وأنه أمتحن كما أمتحن غيره، وأن عذابه كان أقل من غيره خلافا لما يدعيه الحنابلة. كما لم يكن أحمد وحيد المحنة بل شاركه فيها جملة من شيوخه وعلماء عصره.
لقد أوذي كثير من العلماء في محنة القول بخلق القرآن، ولقي كثير منهم عنتا كثيرا. يقول صاحب النهج الأحمد: وقد يكون ما لقيه بعض العلماء أكثر مما لقيه الإمام أحمد بن حنبل، فالتاريخ يحدثنا أن قوما من العلماء امتحنوا بهذه المقالة فثبتوا على رأي أهل الحق، فأمر بإدخالهم السجن، ويحدثنا التاريخ أنهم بقوا في السجن حتى انتهى زمن المحنة كله ثم أطلق سراحهم، والتاريخ يحدثنا أن قوما آخرين ماتوا في السجن. والتاريخ يحدثنا أن إماما من هؤلاء الأئمة الأبرار دخل على الخليفة فامتحنه فتشدد في الاستمساك بالعروة الوثقى (؟) وأغلظ القول للخليفة ونال منه، فقتله الخليفة بيده...
كما يحدثنا الذهبي وغيره أن أبا نعيم الفضل بن دكني امتحن في هذه المحنة، وأنه وقف من الدعاة إليها موقفا عجيبا. وأنه قال حين سألوه عن رأيه:
والله إن عنقي لأهون من زري هذا، ثم قطع زره ورماه، وقال عنه أحمد: لقد قام في أمر الامتحان بما لم يقم به غيره (52).
ويحدثنا الذهبي وغيره أن أبا عمر الحارث بن مسكين أخذ في المحنة وحبس دهرا طويلا، ولم يخرج من السجن حتى مات القائمون بها وأفضى الأمر إلى المتوكل على الله فعرف له موقفه فأخرجه من السجن وولاه قضاء مصر (53).
لذلك من الخطأ أن تقترن محنة خلق القرآن باسم أحمد بن حنبل فقط، ويغض الطرف عن غيره، وقد أصاب مقدم كتاب " النهج الأحمد " عندما