كما تضمنت هذه الرسائل التاريخية مجمل حجج القول بخلق القرآن وأغلبها نقلية. وإن كان للمعتزلة آراء عقلية للدفاع عن خلق القرآن فإن ذلك لا يظهر في هذه الرسائل، ولربما كان ذلك متعمدا وخصوصا وأن المخاطبين بهذه الحجج لا يعترفون للعقل بأي سلطان في فهم الدين أو تقريره، لذلك جاءت الحجج، مجموعة من الآيات القرآنية التي يفهم منها إن القرآن مخلوق. وليس قديما كما كان يعتقد أصحاب الحديث وغيرهم من العامة.
وقد جاء الخطاب موجها لهذه الفئة شديد اللهجة متهما إياهم بالضلال والشرك والكفر وإنهم منحرفون عقائديا. فإما التوبة والرجوع إلى الحق، أي القول بخلق القرآن، وإما السيف؟!.
وإذا كانت الرسائل قد ذكرت بعضا من أسماء الممتحنين، فقد جاء ذكر أحمد بن حنبل من ضمنهم، حيث وصفته الرسالة بأنه جاهل، وأن المأمون سمع مقالته التي اعتذر بها. وفي الأخير أمر المأمون واليه أن يشخص إليه من أبى من المحدثين والفقهاء أن يعترف بخلق القرآن.
لقد اعترف مجموعة من المحدثين والعلماء بخلق القرآن سواء اعتقادا منهم بصحة ذلك، أو خوفا من السيف أو مصانعة كما ذهب ابن كثير لذلك، خوفا على مناصبهم أو مكانتهم العلمية. لأن وكما جاء في رسالة المأمون، فقد أمر واليه أن يمنع أي فقيه أو عالم من الإفتاء أو التحديث في المساجد أو امتهان القضاء، إذا لم يكن ممن يؤمن بخلق القرآن. وهذا القول لابن كثير فيه بعض من الصحة، والمأمون نفسه انتبه لذلك فهو يقول عن سعدويه الواسطي الذي اعترف بخلق القرآن: " قبح الله رجلا بلغ به التصنع للحديث والتزين به والحرص على طلب الرئاسة فيه أن يتمنى وقت المحنة فيقول بالتقرب منها متى امتحن فيجلس للحديث (47).
ومن الذين اعترفوا بخلق القرآن نذكر المحدث الكبير وشيخ أحمد