هذا ما أردنا إثباته من هذه الرسالة التي تعتبر وثيقة معاصرة نجت مما أتلفه أهل السنة من مؤلفات المعتزلة، وهي تدلنا على إقرار أحمد واعترافه بأن القرآن مخلوق، مؤيدة بما ذكره اليعقوبي في تاريخه:
وامتحن المعتصم أحمد بن حنبل في خلق القرآن، فقال أحمد: أنا رجل علمت علما ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر الفقهاء وناظره عبد الرحمان بن إسحاق وغيره، فامتنع أن يقول أن القرآن مخلوق، فضرب عدة سياط، فقال إسحاق ابن إبراهيم: ولني يا أمير المؤمنين مناظرته، فقال: شأنك به فقال إسحاق:
هذا العلم الذي علمته نزل به عليك ملك أو علمته من الرجال؟.
فقال أحمد: بل علمته من الرجال.
فقال إسحاق، شيئا بعد شئ أو جملة قال: علمته شيئا بعد شئ.
قال إسحاق: فبقي عليك شئ لم تعلمه؟.
قال أحمد: بقي علي شئ لم أعلمه.
قال إسحاق: فهذا مما لم تعلمه، وعلمكه أمير المؤمنين.
قال أحمد: فإني أقول بقول أمير المؤمنين.
قال إسحاق: في خلق القرآن.
قال أحمد: في خلق القرآن، فأشهد عليه وخلع عليه وأطلقه إلى منزله.
هذا ما يستدل به على إجابة أحمد للمعتصم، من أقوال رجال هم أقرب الناس من عهده وأطلعهم على حوادثه (51).
لا شك أن القارئ قد لاحظ أن اسم ابن حنبل في رسالة المأمون كما في رسالة الجاحظ وما كتبه اليعقوبي، يظهره شخصية ليست ذات شأن خطير،