أجاب المعتصم واعترف بخلق القرآن لما قطعه ابن أبي داود وحار جوابا.
ومنهم من ادعى أن العامة اجتمعوا على دار السلطان وشغبوا، فخاف المعتصم من الفتنة فأطلق سراحه. وهذا الادعاء بعيد عن الواقع لقوة الدولة في عهد المعتصم. وقد امتحن كبار العلماء ومن كانت لهم مكانة خاصة لدى العامة وقتل بعضهم.
وسنعرض فيما بعد لبعض من امتحنوا مع أحمد ولم يستجيبوا لدعوة الخليفة فتعرضوا للضرب والتنكيل والقتل. وهذا لم يتعرض إليه أحمد إلا قليلا. وإذا اعتمدنا رسالة الجاحظ التي خاطب فيها أهل الحديث وذكر المحنة، وأحمد بن حنبل، فسنرى أن الرواية تختلف اختلافا كبيرا جدا. يقول الجاحظ:
وقد كان صاحبكم هذا (الإمام أحمد) يقول: لا تقية إلا في دار الشرك، فلو كان ما أقر به من خلق القرآن، كان منه على وجه التقية، فلقد أعملها في دار الإسلام، وقد أكذب نفسه، وإن كان ما أقر به على الصحة والحقيقة فلستم منه وليس منكم، على أنه لم ير سيفا مشهورا، ولا ضرب ضربا كثيرا، ولا ضرب إلا بثلاثين سوطا مقطوعة الثمار، مشبعة الأطراف. حتى أفصح بالإقرار مرارا، ولا كان في مجلس ضيق ولا كانت حاله مؤيسة، ولا كان مثقلا بالحديد، ولا خلع قلبه بشدة الوعيد.
ولقد كان ينازع بألين الكلام ويجيب بأغلظ الجواب، ويرزنون ويخف ويحلمون ويطيش (50).