وأصل الحديث في البخاري (11 / 361) " إن للموت سكرات " ولا يفيد هذا أن في السكرات عذاب ولا ألم البتة، بل يقرر هذا النص فقط أن بعض الناس يصابون بسكرة أثناء موتهم، إن صح هذا الحديث!! فإن الحافظ قال هناك في الشرح " لكن في كل من الطريقين ما ليس في الآخر، فالظاهر أن الطريقين محفوظان " ا ه. وقد ذكر هذا الحديث الحافظ الدارقطني في " الالزامات والتتبع " ص (350).
وقد ربط الذين أثبتوا الألم في سكرات الموت بين هذا اللفظ وبين ما جاء في حديث آخر فأخطأوا!! والحديث الآخر هو: عن عبد الله بن مسعود قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك. فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا. قال: " أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم ". قلت: ذلك بأن لك أجرين. قال: " أجل، ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها " رواه البخاري (10 / 111) ومسلم (4 / 1991).
قال الحافظ ابن حجر في شرحه: " وعن الأصمعي: الوعك الحر، فإن كان محفوظا فلعل الحمى سميت وعكا لحرارتها " ا ه. فالقضية لا علاقة لها بالسكرات وإنما هي بالحمى التي في المرض.
قلت: وقول الحافظ هنا (فإن كان محفوظا) يفيد أن هذه الألفاظ يحتمل أنها من تصرف الرواة فكيف يصح الاعتماد عليها وترك نصوص القرآن القطعية التي تبشر المؤمن بالروح والريحان عند موته.
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه... المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله تعالى وكرامته، فليس شئ أحب إليه مما أمامه " (242) والمؤمنين وخاصة الأنبياء من أشد الناس حبا للقاء