وهذه الآيات المتقدمة بمجملها فيها أصول التوحيد وقواعده وهناك آيات كثيرة أخرى في ذلك أيضا يمر بعضها إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب عند التعرض للمسائل المتعلقة بها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). رواه البخاري (فتح 6 / 44) ومسلم (1 / 57 برقم 46).
ومعنى قوله في الحديث (وكلمته ألقاها إلى مريم) أي بشارته أرسلها بواسطة الملك إلى السيدة مريم قبل أن تحمل به، قال الله تعالى: * (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) * آل عمران: 45، والمعنى الشمولي لذلك أن سيدنا عيسى خلقه الله تعالى بقدرته من غير أب لأنه سبحانه * (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * آل عمران: 47، وهو قوله تعالى أيضا: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * آل عمران: 59.
ومعنى قوله فيه (وروح منه) أي أن المسيح عليه السلام روح من الله خلقا وتكوينا، لا جزءا، وهذا مثل قوله تعالى * (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه) * الجاثية: 13، فقوله هنا في الآية الكريمة (منه) كما هو ظاهر أي: منه خلقا وتكوينا لا جزءا، والله تعالى ليس روحا لأن الروح مخلوقة والله سبحانه * (ليس كمثله شئ) * الشورى: 11.
ومثل هذا قوله تعالى * (ونفخت فيه من روحي) * الحجر: 29 أي ونفحت فيه من الروح التي خلقتها وأضفتها إلي لأشرفها وهذا مثل إضافته سبحانه البيت العتيق إليه في قوله * (أن طهرا بيتي) * وقوله في الناقة * (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها) * الشمس: 13.