وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (6 / 306):
[قال جمهور أهل الكلام من المسلمين: الملائكة أجسام لطيفة أعطيت قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ومسكنها السماوات، وأبطلوا من قال إنها الكواكب أو أنها الأنفس الخيرة التي فارقت أجسادها وغير ذلك من الأقوال التي لا يوجد في الأدلة السمعية شئ منها. وقد جاء في صفة الملائكة وكثرتهم أحاديث: منها ما أخرجه مسلم عن عائشة مرفوعا (خلقت الملائكة من نور) الحديث، ومنها ما أخرجه الترمذي وابن ماجة والبزار من حديث أبي ذر مرفوعا (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد) (185) الحديث، ومنها ما أخرجه الطبراني من حديث جابر مرفوعا (ما في السماء السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد) وللطبراني نحوه من حديث عائشة. وذكر في (ربيع الأبرار) عن سعيد بن المسيب قال الملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتوالدون... وقدم المصنف - أي البخاري - ذكر الملائكة على الأنبياء لا لكونهم أفضل عنده بل لتقدمهم في الخلق ولسبق ذكرهم في القرآن في عدة آيات كقوله تعالى * (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) *، * (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله) *، * (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) * وقد وقع في حديث جابر الطويل عند مسلم في صفة الحج (ابدؤا بما بدأ الله به) ورواه النسائي بصيغة الأمر (ابدأ بما بدأ الله به)، ولأنهم وسائط بين الله وبين الرسل في تبليغ الوحي والشرائع فناسب أن يقدم الكلام فيهم على الأنبياء، ولا يلزم من ذلك أن يكونوا أفضل من الأنبياء، ومن أدلة كثرتهم ما يأتي في حديث الإسراء (إن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون)] انتهى كلام الحافظ.
وروى البخاري (6 / 303) وغيره من حديث مالك بن صعصعة أن النبي ص قال في حديث الإسراء: