وفي هذا الإنكار بيان مريح بأن خبر الواحد يحتمل الخطأ فكيف يبنى عليه أصل الدين؟!
7 - وأنكرت السيدة عائشة أيضا على أبي هريرة رضي الله عنه في حديث آخر:
روى أبو داود الطيالسي (ص 215) عن مكحول قيل لعائشة إن أبا هريرة يقول قال رسول الله ص: (الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس) فقالت عائشة:
لم يحفظ أبو هريرة لأنه دخل ورسول الله ص يقول قاتل الله اليهود يقولون إن الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس سمع آخر الحديث ولم يسمع أوله.
قلت: مكحول لم يسمع من السيدة عائشة كما في (الفتح) (6 / 61) إلا أن لهذا الأثر أو الحديث متابع قال الحافظ هناك:
روي أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان: أن رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا: إن أبا هريرة قال: إن رسول الله ص قال:
(الطيرة في الفرس والمرأة والدار) فغضبت غضبا شديدا وقالت: ما قاله! وإنما قال: (إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك).
قلت: والأصل لا طيرة في الإسلام من شئ وإنما المشؤوم العمل السئ الطالح الذي يجر صاحبه إلى النار والعياذ بالله تعالى، قال الله تعالى: * (قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون) * يس: 18 و 19، وجاء في الحديث أن النبي ص قال: (الطيرة شرك) قال الحافظ المنذري في الترغيب (4 / 64): (رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح) لذلك ردت السيدة عائشة رضي الله عنها ذلك، وظهر لنا بردها أن الراوي لخبر الآحاد ولو كان في أعلى مراتب التوثيق كأبي هريرة الصحابي رضي الله عنه فإن خبره يفيد الظن ولا يفيد العلم ولذلك جاز ردة خلافا للآية والخبر المتواتر.