الطحاوية، وقد صنفت رسالة أبطلت فيها هذا التقسيم بالأدلة الواضحة، والاستدلالات الباهرة وسميت تلك الرسالة ب (التنديد بمن عدد التوحيد) فليراجعها من شاء، وإنني أنقل الآن إن شاء الله تعالى جملا مختصرة منها في تفنيد تقسيم التوحيد إلى توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية فأقول:
أصل احتجاج من قسم التوحيد إلى قسمين أنه زعم أن الكفار وخصوصا الذين بعث فيهم سيدنا رسول الله ص كانوا يؤمنون بوجود الله وأنه المحيي المميت لكنهم ما كانوا يعبدون الله تعالى أو لم يفردوه بالعبادة ولهم بشكل عام دليلان:
الأول: قول الله تعالى: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) * قالوا: فدل ذلك على إقرارهم بوجود الله تعالى وأنه هو الخالق.
والثاني: قولهم كما حكى الله تعالى عنهم: * (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) * فدل ذلك منهم على اعترافهم بوجود الله وأنه هو الإله الحقيقي.
والجواب على ذلك من أوجه:
الأول: هذه الأقوال التي نطق بها المشركون وأوهمت أنهم كانوا يقرون بوجود الله عز وجل، هي كذب منهم حقيقة ولا يعتقدونها، وإنما قالوها للنبي ص عند مناظرته ومجادلته لهم وإفحامه لهم في ذلك الجدال بإثبات وجود الله تعالى الذي أمره بجدالهم في قوله سبحانه: * (وجادلهم بالتي هي أحسن) * فكانوا لا يدرون بم يجيبون، ويصرون على عدم ترك آلهتهم وأوثانهم التي يعتقدون أنها تنفعهم وتضرهم وتمطرهم، فكانوا يرضونه عند اضطرارهم ليتخلصوا من الاحراج في موقف الافحام في المناظرة، والدليل على ما قلناه أن الله عز وجل بين في آخر تلك الآيات أنهم كاذبون وكافرون فقال عز وجل: * (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون، إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) * الزمر: 3.
فأثبت الله عز وجل كذبهم ومبالغتهم في الكفر فقال: كفار مبالغة في وصفهم