الوثوق يصحح دخوله في الصلاة بداعي صلاة الغير بصلاته. ومما ذكرنا من أن الجمعة لا تنعقد إلا جماعة من الإمام والمأموم، تعرف وجه اعتبار نية الإمامة من الإمام بالمقدار الميسور المزبور، فإن ماهية الجمعة متقومة بالجماعة فلا يجوز الاقتداء في صلاة الجمعة بمن يصلي منفردا دون غيرها من الصلوات فإنها تنعقد فرادى وجماعة من الإمام والمأموم.
ثم إنه تبين مما ذكرنا أن نية الائتمام ليست من الشرائط بل من المقومات للجماعة فلا تنعقد بدونها لا أنها باطلة بدونها شرعا، وعليه فلو تابع الإمام عملا من دون نية الائتمام من أول العمل فلا موجب لبطلان صلاته في نفسه إذا لم يخل بوظائف المنفرد، لما مر وسيجئ إن شاء الله تعالى، إن صلاة الجماعة ليست ماهية مغايرة لماهية الصلاة فرادى حتى يلزم من بطلانها جماعة بطلان الصلاة، هكذا ذكره الشيخ الأعظم (قدس سره) في صلاته، (1) إلا الظاهر عدم ابتناء المسألة على كون الجماعة منوعة لطبيعي الصلاة، فإنه إنما يجدي فيما إذا قصد الجماعة وأخل ببعض شرائط صحتها، والمفروض هنا عدم نية الاقتداء والائتمام المقومة للجماعة وإنما تابع في صلاته لصلاة الإمام فقط، فهو بحسب القصد منفرد، إذ لا نعني بالمنفرد إلا من يصلي لا بنية الاقتداء، فلم تنعقد هذه الصلاة من الأول إلا فرادى، ومجرد المتابعة في حركات الإمام ليست جماعة باطلة بل أجنبية عن حقيقة الجماعة، ولا معنى لقصد الجماعة مع عدم قصد الاقتداء حتى يجدي التنويع المزبور، نظرا إلى أن ما قصده لم يقع وما يقابله لم يقصد، لعدم امكان قصد المتقابلين، فما قصده من المقارنة المحضة بين أفعاله وأفعال الإمام ليس قصدا للجماعة حتى يكون قاصدا لحقيقة مبائنة لحقيقة الفرادى. نعم إذا أمكن قصد الجماعة بعنوانها من الجاهل بما يقتضيه حقيقة الجماعة أمكن تصحيح كلامه زيد في علو مقامه.
فإن قلت: بناء للقول بكون الفرادى والجماعة حقيقتين متبائنتين وأن الجماعة منوعة وكذا الفرادى، على كون كل منهما ذات خصوصية مبائنة للأخرى، فنحن .