وأما نية الإمامة من الإمام فغير معتبرة في ما عدا الجمعة والعيدين مما لا ينعقد إلا جماعة إذ بمجرد نية الائتمام على الوجه المشروع يكون الناوي مأموما ومن ائتم به إماما، ولو كان الإمام شرع في الصلاة بنية الانفراد فإن الإمامة والمأمومية متضائفتان فلا تنفك إحداهما عن الأخرى، فتحقق المأمومية ملازمة لتحقق الإمامة قهرا فيترتب على صلاتهما حكم الجماعة شرعا. بل يمكن أن يقال: لا يعقل نية الإمامة من الإمام لما عرفت من تضائف عنوان الإمام والمأموم فمع وجود الصلاة من الإمام يمكن تحقق المتضائفين بنية المأموم فيكون إماما عند تحقق المأمومية قهرا، بخلاف نية الإمامة من الإمام فإنها طبعا متقدمة على صلاة المأموم فلا يعقل عنوان الإمامة مع عدم عنوان المأمومية. وقصد الإمامة على تقدير لحوق المأموم لا يوجب تحقق عنوان الإمامة إلا عند لحوقه لأن المتضائفين متكافئان في القوة والفعلية، فلا يعقل الإمامة فعلا والمأمومية تقديرا.
وأما الاشكال بأن الإمامة ليست فعلا اختياريا للإمام فلا يعقل تعلق القصد بها. فإن كان بالنظر إلى أنه لا تتعلق الإرادة التكوينية إلا بالحركات العضلاتية فنية الاقتداء كذلك، ولا يراد من النية في أمثال المقام إلا البناء كما في نية الإقامة عشرة أيام، ونية العدول، وإن كان بالنظر إلى أن الإمامة في الصلاة متقومة بصلاة المأموم، وهي خارجة عن قدرة الإمام، فنية الاقتداء في صلاته بصلاة الإمام كذلك، وإنما الفرق إن الإمامة والمأمومية متضائفان، وتحققهما بعد وجود ذات المضائف من طرف بايجاد طرف معقول كما في نية الاقتداء مع وجود الصلاة من الإمام بخلاف إيجاد الطرف قبل طرفه، فإنه لا يحقق عنوان التضائف وإلا فإرادة الإمامة على تقدير لحوق المأموم معقولة عند المستشكل، وإنما لا يجدي في فعلية المضائفين، وعليه فالمقدار الممكن من الإمام فيما يعتبر فيه الجماعة كالجمعة والمعادة، هو أن يصلي لأن يصلي غيره بصلاته بنحو الداعي مع الوثوق بلحوقه له، في قبال أن يصلي لنفسه منفراد، وأما مجرد الوثوق بلحوق المأموم فهو غير مجد في ما يعتبر فيه الجماعة كما عن بعض الأعلام (رحمه الله) فإن الوثوق باللحوق لا ينافي نية الصلاة منفراد مع أن الجمعة لا تنعقد من الإمام والمأموم إلا جماعة في قبال الفرادى، بل