وابن تيمية يثبت التركيب في حق الله تعالى.. وهو في إثباته التركيب يحاول جاهدا أن يبين أن ما أثبته من التركيب لا يتنافى مع الوحدة. وسنرى العجب في دفاعه:
يقول: ".. ولكن إذا قلنا إن الله لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته؟ وضربنا لهم مثلا في ذلك فقلنا لهم: أخبرونا عن هذه النخلة، أليس لها جذوع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار، واسمها اسم واحد سميت نخلة بجميع صفاتها؟ فكذلك الله جل ثناؤه " (1).
ويقول: ".. إن الله إذا أراد أن يخوف عباده أبدى عن بعضه.. " ثم يقول " أما قوله أبدى عن بعضه، فهو على ظاهره وأنه راجع إلى الذات " (2).
ومما اهتم ابن تيمية به إبطال القول بتماثل الأجسام.. فيقول: ".. ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل.. " ثم قال ".. وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك ".. إلى أن قال ".. وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبينا فيه حجج من يقول بتماثل الأجسام وحجج من نفى ذلك.. وبينا فساد قول من يقول بتماثلها " (3).
ولنا أن نتسائل: ما صلة اهتمام ابن تيمية بإبطال مماثلة الأجسام بما يدعيه من أنه سلفي؟ وهل في كلامه هذا منهج للسلف؟ إن كان ابن تيمية نافيا عن الله الجسمية فلا تضيره دعوى مماثلة الأجسام، ولا تثير قلمه، ولا توجب غضبه واستنكاره. وأما إن كان ابن تيمية ممن يقول بإثبات الجسمية لله تعالى إلا أنه يقول جسم لا كالأجسام... فما أحوجه إلى أن يكافح جاهدا في إبطال مماثلة