عليه وسلم " (1).
ثم إنه أفصح عن معتقده بوضوح أكثر حيث قال:
" الوجه التاسع والخمسون: وأما قوله: فإن تعسف من المقلدين متعسف وأثبت للرب تعالى جسما مركبا من أبعاض متألفا من جوارح، نقلنا الكلام معه إلى إبطال الجسم وإيضاح تقدس الرب عن التبعيض والتأليف والتركيب.
فيقال له: الكلام في وصف الله بالجسم نفيا وإثباتا بدعة، لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها إن الله ليس بجسم، كما لم يقولوا إن الله جسم، بل من أطلق أحد اللفظين استفصل عما أراد بذلك، فإن في لفظ الجسم بين الناطقين به نزاعا كثيرا، فإن أراد تنزيهه عن معنى يجب تنزيهه عنه، مثل أن ينزهه عن مماثلة المخلوقات، فهذا حق، ولا ريب أن من جعل الرب جسما من جنس المخلوقات فهو من أعظم المبتدعة ضلالا، دع من يقول منهم أنه لحم ودم ونحو ذلك من الضلالات المنقولة عنهم. وإن أراد نفي ما ثبت بالنصوص وحقيقة العقل أيضا مما وصف الله ورسوله منه وله، فهذا حق وإن سمي ذلك تجسيما، أو قيل: إن هذه الصفات لا تكون إلا لجسم. فما ثبت بالكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة هو حق، وإذا لزم من ذلك أن يكون هو الذي يعنيه بعض المتكلمين بلفظ الجسم، فلازم الحق حق " (2).
ولا يخفى، أن هذا مبني على فهمه للنصوص فهما ظاهريا، وأن الألفاظ كلها محمولة على المعاني الحقيقة ولا مجاز مطلقا... فالنصوص - على هذا - غير دالة على الجسمية، وإنما جاءت الدلالة من فهم ابن تيمية منها.