ومنها: أن الباعث للمصنف العلامة (قدس سره) - على بناء الخيار على وجوب القبض - هو أن القبض لو لم يكن واجبا لكان المتعاقدان على ما هما عليه من السلطنة على مالهما، فجعل حق الرد والاسترداد لغو، بخلاف ما إذا وجب القبض في نفسه، فإن جعل حق الفسخ أثره رفع وجوب القبض كرفع أثر اللزوم الذاتي في غير مورد الصرف.
والجواب: أن الثابت - لولا الخيار وعدم وجوب القبض بمقتضى بقاء سلطنة كل منهما على ملكه - جواز التفرق مع عدم القبض، فيبطل العقد قهرا لعدم التمكن من شرطه وهو القبض قبل التفرق، وأما حق الخيار فمقتضاه السلطنة على حل العقد مع عدم التفرق، ومن البين كمال الفرق بين ابطال العقد بالتفرق وحل العقد قبل التفرق.
والتحقيق: أن حق الخيار إما بمعنى حق فسخ العقد، وإما بمعنى حق استرداد العين، وعلى الأول إما بمعنى حق حل العقد حقيقة، أو حق رفع أثره، فيكون حلا للعقد حكما لا حقيقة.
فإن قلنا بأنه حق رفع أثره: فحيث إن الأثر المترقب من العقد هنا هي الملكية - والمفروض توقف حصولها على القبض - فلا معنى لحق رفع الأثر قبل القبض، حيث لا أثر قبل القبض، ولا يجدي في تحققه وجوب القبض، إذ بوجوب القبض لا يكون العقد ذا أثر حتى يمكن رفعه، وليس الحكم التكليفي بالقبض من الآثار القابلة للرفع بأعمال الخيار، حتى يقال بصحة جعل الخيار بهذا المعنى بمجرد وجوب القبض.
وأما شأنية العقد للتأثير في الملك فليس هو أثرا شرعيا مترتبا على العقد، حتى يمكن جعل حق رفعه بجعل الخيار، فإن ما هو من الاعتبارات المجعولة شرعا المترتبة على العقد هي الملكية، وحيث إن علتها التامة مركبة من العقد الذي هو بمنزلة المقتضي، ومن القبض الذي هو بمنزلة الشرط، فينتزع قابلية نفس العقد للتأثير بلحوق شرطه إذا تحقق وحده، كما ينتزع فعلية التأثير عند لحوقه له، والأثر الاعتباري القابل للوضع والرفع مباشرة وتسبيبا هي الملكية، لا فعلية تأثير السبب، ولا شأنية تأثير السبب.