الشارع حدوثا، وثبوت حق الخيار بالقاعدة، فلا كلام حينئذ إلا في سقوط الحق الثابت بمجرد الرضا، لا في ثبوت حق آخر بقاء كي لا يكون وجوب الوفاء بقاء ضرريا، فلا يستلزم حقا آخر، ومتى شك في بقاء ذلك وارتفاعه بالتصرف عن رضا يستصحب الحق، كما أنه لو لم نقل بحدوث الحق وقلنا بأن المنفي بالقاعدة وجوب الوفاء، والثابت بها بديله المساوق لجواز العقد، فإن الشك في بقاء الجواز وارتفاعه وانقلاب الجائز لازما.
وأما احتمال أن المعاملة الغبنية المرضي بها بعد صدورها غير خارج عن عموم " أوفوا "، وأن الشك راجع إلى بقاء العموم على حاله بالنسبة إلى هذا الصنف فيتمسك بالعام.
فمدفوع: بأنه مع أنه لا قائل به غير مناسب لمفاد قاعدة الضرر، لأن استناد الضرر حال صدور المعاملة الغبنية جهلا بها إلى الشارع غير منوط بعدم تجدد الرضا بعد العقد، فكيف يمكن إناطة حدوث حق الخيار أو جواز العقد من أصله بعدم تعقب المعاملة بالرضا؟!
ومما ذكرنا تبين حال الاجماع، فإنه لا يجدي إلا إذا قلنا بأن المتيقن حدوث الحق في المعاملة التي لا يتعقبها الرضا، مع أنه لا شك في حدوثه بمجرد المعاملة الغبنية، فالتصرف عن رضا ليس مانعا عن حدوث الخيار ليكون دافعا، بل مانع عن بقائه فهو رافع له، كما هو الشأن في الدفع والرفع، فالشك في مسقطية الرضا شك في بقاء الحق، ولذا قال (قدس سره) إن الشك هنا في الرفع لا في الدفع.
وأما قوله (فتأمل) فيمكن أن يكون إشارة إلى ما ذكرنا من الاحتمال، بحيث لا دليل على حدوث الحق في الفرض، وهو وإن كان منافيا لمفاد قاعدة الضرر لكنه غير مناف للاجماع على الخيار.
ويمكن أن يكون إشارة إلى أن الحق وإن كان ثابتا بمجرد العقد إلا أن الحق الثابت مشكوك الحال من حيث كونه محدودا في نفسه، بحيث لا مقتضي له ثبوتا مع الرضا، أو غير محدود بحيث يحتاج إلى رافع، ولا مجال للاستصحاب مع الشك في