أحكام الخيار (1).
وأما الموضع الثاني: فقد مر القول فيه في مبحث الملزمات للمعاطاة (2)، ومختصر القول فيه: أن الخيار وإن كان حل العقد الباقي مع تلف العوضين إلا أن رجوع التالف بأي موجب يقتضي الرجوع إلى بدله، وما ذكر من الموجب أمور:
أحدها: ما يظهر من شيخنا الأستاذ (قدس سره) - في مبحث الملزمات من تعليقته الأنيقة (3) - وهو ضمان البدل بقاعدة اليد والاتلاف، مع أن يد المفسوخ عليه لم تكن قبل الفسخ يد الضمان، والاتلاف لم يتعلق بمال الغير ليكون مضمنا، وليس بعد الفسخ يد ولا اتلاف، بل إذا قلنا بأن الفسخ يوجب انحلال العقد من أصله لا من حين الفسخ فإن اعتبار الانحلال من أصله بنحو الانقلاب من حيث كونه اعتباريا، ولا استحالة في الانقلاب الاعتباري، إلا أن هذا الانقلاب الاعتباري لا يوجب انقلاب الواقعيات - وهو التلف تحت يد غير مضمنة - ولا وقوع الاتلاف في ملك الغير، فإن اعتبار الملكية للفاسخ بنحو الانقلاب لا يوجب انقلاب الاتلاف، فاعتبار الملك وارد على التالف والمتلف، لا أن التلف والاتلاف واردان على الملك، مع أن المشهور القائلين بالضمان لا يقولون بالفسخ من الأصل.
ثانيها: ما سمعنا منه (قدس سره) شفاها في البحث، أن أثر العقد ما دامت العين موجودة إضافتها إلى المالك بإضافة الملكية، وبعد تلفها تكون مضافة إليه بأنها تالفة منه لا من غيره، وبعد الفسخ تنقلب الإضافتان فتكون العين الموجودة مضافة إلى الفاسخ بإضافة الملكية، ومع تلفها تكون تالفة من الفاسخ، ومقتضاه الرجوع إلى المفسوخ عليه، لأن المفروض تلفها عنده، فالعين التالفة من الفاسخ عند المفسوخ عليه لا معنى لاعتبار تلفها منه عند غيره إلا رجوعه إليه ببدلها، مع أن تلفها منه عند غيره أمر وتلفها على غيره أمر آخر، والضمان من مقتضيات الثاني دون الأول، والمصحح للأول موجود دون الثاني، ولا معنى لأن تكون العين قبل الفسخ تالفة من مالكها عليه