فنزلت على النبي هذه الآية الكريمة وقد حطمت العادات الجاهلية التي تقضي بتفوق بعض الطبقات على بعض، وعدم صلاحية الموالي للمصاهرة فألغى الإسلام ذلك واعتبر المسلمين أسرة واحدة لا فضل لأحد منهم على أحد، وقد سار أئمة أهل البيت (ع) على هذه الخطة المثالية، وضربوا للناس أمثلة عملية على ذلك، فقد أعتق الإمام زين العابدين (ع) جارية له، وبعد العتق تزوج بها، وقد انتهز ذلك عبد الملك بن مروان فبعث إلى الإمام رسالة يندد فيها بصنع الإمام ويعيب عليه ذلك وقد جاء فيها:
" أما بعد: فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر وتستنجبه من الولد فلا لنفسك نظرت ولا على ولدك أبقيت والسلام... " ولما مثلت هذه الرسالة بن يدي الإمام (ع) نظر إليها فرأى فيها روح الجاهلية ماثلة في سطورها وحروفها فرد عليه برسالة بين فيها مبادئ الإسلام وأهدافه وهذا نصها:
" أما بعد: فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنه كان في نساء قريش من أمجد به في الصهر واستنجبه في الولد، وأنه ليس فوق رسول الله (ص) مرتقى في مجد ولا مستزاد في كرم، وإنما كانت ملك يميني خرجت مني بأمر إرادة الله عز وجل التمست فيه ثوابه ثم ارتجعتها على سنته ومن كان زكيا في دينه فليس يخل به شئ من أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، وأتم به النقيصة، واذهب اللوم فلا لوم على امرئ مسلم إنما اللوم لوم الجاهلية " (1).