لقد بدأ التآلف بين المسلمين بأوسع مجالاته، وأعمق آثاره، فأترعت قلوبهم بحب الإسلام، وذهلوا من أجله عن أرحامهم وأنسابهم وانطلقوا في ميادين الجهاد يذبون عن دينهم، وينافحون من أجله ويناضلون في سبيله حتى حاز أعظم الانتصارات وسرعت موجته الندية إلى جميع الآفاق، فبادرت الشعوب المضطهدة إلى اعتناقه لأنها وجدت فيه الحماية لها من الاستغلال والاستبداد والتحكم.
لقد ولدت الدولة الإسلامية العظمى في يثرب، وكان النبي (ص) نفسه يتولى إدارة وشؤون الدولة والحكم على غرار الأنبياء السابقين فقد كان داوود نبيا وملكا. قال تعالى: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ".
وأخذ النبي (ص) يضع أسمى المبادئ لسياسة الدولة الإسلامية ويرسم لها أرقى البرامج التي تسير عليها في الحرب والسلم، كما رسم لها الخطوط العريضة التي تحمي المواطنين من الفقر والجهل والمرض، وسوف نوافي القراء عن بعضها عند التعرض لسياسة الإسلام الداخلية.