وحاصل ما أفاده من الفرق بعد حمل المبيع والمستثنى في كلا المقامين على الكلي في المعين: أن منشأ جعل التلف على البائع في بيع الصاع من الصبرة وعدم جعل التلف على المشتري في استثناء الأرطال هو أن المشتري في المسألة الأولى يتلقى الملك من البائع، وأما البائع في مسألة الأرطال فلا يتلقى المستثنى من المشتري، لأن الاستثناء ليس معناه أن البائع ملك المشتري جميع ثمرة الأشجار ثم تملك منه المستثنى، بل معناه بقاء المستثنى في ملكه وتمليك ما عداه، فإذا كان المشتري في مسألة بيع الصاع من الصبرة متلقيا من البائع، وفرضنا أنه لا يملك إلا صاعا كليا مجردا عن جميع الخصوصيات الخارجية، فما دام مصداق من الكلي باقيا في ملك البائع ينطبق على المبيع فلم يتلف حتى يحسب على المشتري فيجب على البائع إقباضه بإقباض المصداق كما في الكلي في الذمة.
وبعبارة أخرى: المشتري يملك الصاع في طول ملك البائع ويتلقاه منه، فإذا بقي من الصبرة مقدار حقه يجب على البائع إقباضه إياه.
وأما البائع في مسألة الاستثناء فهو وإن استثنى مقدارا كليا ولم يعينه في محل خاص إلا أن المستثنى بقي على ملكه مع خصوصياته الخارجية، ونسبة التالف إلى كل من المستثنى والمستثنى منه على حد سواء، لأن كلا منهما يملك مقدارا في عرض الآخر فلا وجه لاحتسابه على المشتري. وعلى هذا فمراده من أن التلف في مسألة الاستثناء وقع بعد القبض، أي: بعد ما كان المستثنى مقبوضا في يد مالكه مع تملكه خصوصياته الخارجية فكونه مقبوضا إنما هو معلول لكونه مالكا لخصوصياته الخارجية، ودخول الخصوصيات في المستثنى لا يوجب خروجه عن الكلية كدخول الخصوصيات في الفرد المنتشر، فإذا كانت الخصوصيات داخلة في ملك البائع وكان المستثنى تحت يده فدخول الجميع من المستثنى والمستثنى منه بعد ذلك تحت يد المشتري لا يقتضي أن يكون التالف على المشتري - إلا إذا فرط وأتلف الجميع - حتى يجب عليه قيمة المستثنى، أو أتلف ما عدا المستثنى حتى يجب عليه دفع الباقي إلى البائع.