ولا يخفى أن مدارك هذه المحتملات مذكورة في المتن فلا يهمنا بيانه، إنما المهم بيان أمور ينبغي التنبيه عليها:
الأول: أنه لو منعنا عن جريان خيار العيب في هذا العقد فإنما الممنوع هو التخيير بين الرد والأرش، وأما الأرش فقط فلا مانع منه، كما هو الشأن في كل مورد تعذر أحد فردي التخيير.
الثاني: سيجئ في باب الخيارات: أنه لا يمكن أن تكون قاعدة " لا ضرر " منشأ لثبوت الخيار أصلا، بل المنشأ له هو تخلف الشرط الصريح أو الضمني في غير مورد الخيارات المجعولة الشرعية، فإذا تخلف الشرط فحيث إن المشروط له واجد للشرط وبفقده يتضرر فيثبت له الخيار.
الثالث: أن هذه القاعدة - وهي: أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد - مضافا إلى ما أورده المصنف (1) عليها من أنها لا تبتنى على أساس ولا كبرى لها، لا عقلا ولا شرعا لا تنطبق على المقام، فإن هذه القاعدة أسست في ما لو رجع ما انتقل عن المشتري إليه بسبب جديد أو بفسخ ونحوه، وكان له أو للبائع الأول الخيار.
فلو قيل بأن الزائل عن ملك المشتري العائد إليه بمنزلة غير الزائل - أي كأنه لم يخرج عن ملكه - فالمبيع قائم بعينه، فللبائع الأول أو المشتري الأول الفسخ بالخيار.
ولو قيل بأنه كالذي لم يعد - أي كأنه باق في ملك الثالث الذي هو المشتري الثاني - فليس المبيع قائما بعينه، فليس للبائع ولا للمشتري الأول الفسخ، وفي المقام ثبوت الخيار من أصله مشكوك، أي: لم يعلم قابلية المبيع للعود حتى يقال:
إن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد (2).