السادس: عود العبد رقا لمولاه مع اعترافه بالبيع وإن ادعي فساده.
ففيه ما لا يخفى:
أما الأول فلأنه لم يعلم أن العبد تصرف في غير ما أذن له. نعم، بناء على أن يكون دعوى كل واحد من الخصماء هو اشتراء العبد بماله لغيره، وثبوت هذا المعنى واقعا يكون تصرف العبد في غير ما أذن له، وهذا فرض في فرض.
وأما الثاني: فأمر الدافع إن كان وصية فظهورها في كون نفس الوصي نائبا عنه في الحج ممنوع. ولو كان استئجار أو استنابة للحج الندبي فكونه بالمباشرة لا وجه له أيضا. وكون الأصل في التكليف الإلهي اعتبار المباشرة لا ربط له بالمقام.
وأما الثالث فهو متفرع على الثاني، مع أنه لو كان نفس العبد المأذون مأمورا بالحج فظهور الرواية في كونه مأمورا بأن يحج بلا إذن ممنوع.
وأما الرابع فهي وإن كانت مخالفة للقاعدة، لأن الظاهر من القضية أن هذا العبد كان عنده المال من جميع الخصماء، وكان مأذونا في التجارة لمولاه ولمولى أبيه، ومأذونا في اشتراء العبد وعتقه وإعطاء بقية الألف للحج من قبل الدافع فإقراره ماض على كل واحد، لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به، والظاهر من عمله الخارجي أنه كان مقرا بأنه اشترى العبد من دراهم الدافع فحجية عمله أو إقراره يقتضي نفوذه على مولى الأب، فعود العبد رقا على خلاف القاعدة، إلا أن كونه مخالفا لأصالة الصحة غير معلوم، لا من باب أن أصالة الصحة في طرف كل واحد من المدعيين للصحة معارضة بأصالة الصحة في الطرف الآخر ويرجع إلى أصالة عدم الانتقال من مولى الأب، بل لأن أصالة الصحة تجري فيما إذا كان الشك راجعا إلى شرائط العقد. وفي المقام قابلية هذا الشراء من حيث العوض غير معلومة، لاحتمال شرائه عبد شخص بمال هذا الشخص.
وأما الخامس: فكون مولى المأذون ذا يد على عبده غير ملازم لأن يكون ذا يد على الألف الذي اختصموا فيه، مع أن المأذون في التجارة عمله مطابق لدعوى ورثة الدافع.