حتى يسقط عنه ثقله. قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: " إن من التواضع أن يجلس الرجل دون شرفه ". وقال (ع): " من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلم على من تلقى، وأن تترك المراء وإن كنت محقا، ولا تحب أن تحمد على التقوى ". ومن المتكبرين من إذا لم يجد مكانا في الصدر يجلس في صف النعال، أو يجعل بينه وبين الأقران بعض الأراذل ولا يجلس تحتهم، وغرضهم من ذلك استحقار الأقران أو إيهام أن تركهم للصدر إنما هو بالتفضل، فهو أشد أنواع التكبر.
(الثالث) أن يجيب دعوة الفقير، ويمر إلى السوق في حاجة الرفقاء والأقارب، ويجعل حاجتهم وحاجة نفسه منه إلى البيت، فإن لم يثقل عليه ذلك في الخلوة والملأ فليس فيه كبر ورياء، وإن ثقل عليه فيهما ففيه كبر ورياء، وإن ثقل عليه عند مشاهدة الناس دون الخلوة ففيه رياء دون الكبر.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ينقص الرجل الكامل من كماله ما حمل من شئ إلى عياله ". وروي: " أنه اشترى لحما بدرهم فحمله في ملحفته فقال له بعضهم: أحمل عنك يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا! أبو العيال أحق أن يحمل ". وروي: " أن الصادق عليه السلام: نظر إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئا وهو يحمله، فلما رآه الرجل استحيى منه، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما والله لولا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشئ ثم أحمله إليهم ".
(الرابع) أن يلبس ثيابا بذلة، فإن لم يثقل عليه ذلك أصلا فليس فيه كبر ورياء، وإلا كان متكبرا أو مرائيا، قال رسول الله (ص): " من اعتقل البعير ولبس الصوف فقد برئ من الكبر ". وقال (ص): " إنما أنا عبد آكل في الأرض، والبس الصوف، واعقل البعير، والعق أصابعي، وأجيب دعوة المملوك، فمن رغب عن سنتي فليس مني ". وقيل لسلمان: لم لا تلبس ثوبا جديدا؟ فقال: " إنما أنا عبد، فإذا أعتقت يوما لبست جديدا ":
أشار به إلى العتق في الآخرة. وقال رسول الله (ص): " البذاذة - أي الدون من اللباس - من الإيمان ". وعوتب أمير المؤمنين عليه السلام في إزار مرقوع، فقال: " يقتدي به المؤمن وتخشع له القلوب ".