من الفضائح ما يكدر عليه العجب والتعزز به، فإنه وكلت إليه (61) الأقذار في جميع أجزائه: (البصاق) في فمه،، (والمخاط) في أنفه، (والوسخ) في أذنه، (والنتن) تحت إبطه، (والصديد) تحت بشرته، (والفضلات) في معدته، (والرجيع) في أمعائه، (والديدان) في أحشائه، (والبول) في مثانته (والصفراء) في مرارته، يتردد إلى الخلاء كل يوم مرتين، ويغسل الغائط كل يوم بيده مرتين، يخرج من باطنه ما لو رآه بعينه لاستقذره فضلا أن يمسه أو يشمه. وفي أول أمره خلق من الأقذار الشنيعة الصور: من النطفة ودم الحيض، وخرج عن مجاري الأقذار. أعني الصلب والذكر والرحم والفرج. ولو ترك نفسه في حياته يوما لم يتعهده بالغسل والتنظيف، لثارت منه الأنتان والأقذار، وصار أقذر وأنتن من الدواب المهملة. هذا أوله ووسطه، وسيموت فيصير جيفة أقذر من سائر الأقذار. فما للعاقل أن يعجب ويتعزز بهيئة حاصلة لبدن هذه حقيقته!
وأما (العجب بالمال): فهو عجب بأمر خارج عن ذات الإنسان، فهو أقبح أنواع العجب. وعلاجه أن يتفكر في آفات المال، وكونه في معرض الفناء والزوال، من الغضب والنهب والحرق والغرق، وغير ذلك من الآفات السماوية والأرضية، ويتذكر أن في اليهود والهندو من يزيد عليه في المال واف لشرف يسبقه اليهود والهندو! واف لشرف يأخذه السارق في لحظة فيعود صاحبه ذليلا مفلسا!! ويتذكر ما ورد في ذم المال وحقارة الأغنياء، وفي فضيلة الفقر وشرافة الفقراء، وسبقهم إلى الجنة في القيامة، وما ورد في عقوبة المعجب بالمال بخصوصه، كقوله (ص): " بينما رجل يتبختر في حلة له قد أعجبته نفسه، إذ أمر الله الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " (62)، أشار به إلى عقوبة إعجابه بماله ونفسه. وكيف يتصور المؤمن العاقل أن يعجب بالمال ويفرح به، مع كثرة حقوقه وعظم غوائله، وإيجابه المؤاخذة وطول المحاسبة في القيامة، والعقوبة والنكال إن كان حراما، وانحطاط المرتبة والدرجة إن كان حلالا، بل ينبغي له ألا يخلو ساعة عن الخوف من تقصيره، في القيام بحقوقه، وأخذه من حله،