الدين، وليس عندنا دليل قطعي على كونهم مكلفين، وإلا لجاز أن يتوب كل واحد من أعداء الدين، لاطلاعه على جملة من أحوال الآخرة.
والأدلة الدالة على انقطاع التكليف بالموت بل قبله عند المعاينة كثيرة في الكتاب والسنة، فمن ادعى تكليفا بعد الموت فعليه الدليل، ولا سبيل إليه، وعمومات الخطاب قابلة للتخصيص، على أنها لم تتناول جميع الأزمان بالإجماع وليس هنا إجماع، وكونهم يجاهدون ويفعلون أفعالا كثيرة لا يدل على أنهم مكلفون بها، كما أنهم في الآخرة يفعلون أشياء كثيرة جدا لا يمكن عدها من المشي إلى موقف الحساب، وأخذ الكتاب باليمين والشمال، والجواب عن كل ما يسألون عنه، ومن المرور على الحوض، وسقي من يسقى، وطرد من يطرد، ومن حمل اللواء، وتمييز أهل الجنة والنار، وسوقهم إلى منازلهم، والشفاعة، وهبة بعضهم حسناته لبعض.
وغض أبصارهم عند مرور فاطمة (عليها السلام)، وركوب بعضهم، ومشي الباقين، وقسمة الجنة والنار، والجثو على الركب تارة والقيام أخرى، ودخول الجنة والنار، والنزول بمنزل خاص، وما يصدر من الكلام الطويل بينهم، ومن الأكل والشرب والجماع والنوم والجلوس، وزيارة بعضهم بعضا، ومن التحميد والتسبيح، وغير ذلك مما هو كثير جدا، وليسوا مكلفين بشئ من ذلك، وقد ذكر هذا الوجه صاحب كتاب " الصراط المستقيم " فقال: بعدما ذكر بعض الآيات والأخبار في رجوع الأئمة الأطهار (عليهم السلام):
فإن قيل: فيكون علي (عليه السلام) في دولة المهدي (عليه السلام) وهو أفضل منه؟ قلنا: قد قيل:
إن التكليف يسقط عنهم، وإنما يحييهم الله ليريهم ما وعدهم، وبهذا يسقط ما خيلوا به من جواز رجوع معاوية وابن ملجم وشمر ويزيد وغيرهم، فيطيعون الإمام وينتقلون من العقاب إلى الثواب، وهو ينقض مذهبكم من أنهم ينشرون