والربضة " من الناس: الجماعة " منهم، وكذا من الغنم. يقال: فيها ربضة من الناس، والأصل للغنم، كما في اللسان.
وقال ابن دريد: " ربضت الشاة " وغيرها من الدواب، كالبقر والفرس والكلب " تربض "، من حد ضرب، " ربضا وربضة "، بفتحهما، " وربوضا "، بالضم، " وربضة حسنة، بالكسر، كبركت، في الإبل "، وجثمت، في الطير. " ومواضعها مرابض "، كالمعاطن للإبل. " وأربضها غيرها "، كذا في النسخ. ولو قال: " هو "، بدل " غيرها " كان أخصر. أما " قوله صلى الله عليه وسلم للضحاك " ابن سفيان بن عون العامري أبي سعيد " وقد بعثه إلى قومه " بني عامر بن صعصعة بن كلاب " " إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبيا " ". قال ابن سيده: قيل في تفسيره قولان: أحدهما: " أي أقم " في ديارهم " آمنا كالظبي " الآمن " في كناسه "، قد أمن حيث لا يرى إنسيا (1)، وهو قول ابن قتيبة عن ابن الأعرابي. " أو " المعنى: " لا تأمنهم، بل كن يقظا متوحشا " (2) مستوفزا، " فإنك بين أظهر الكفرة "، فإذا رابك منهم ريب، نفرت عنهم شاردا، كما ينفر الظبي، وهو قول الأزهري: و " ظبيا " في القولين منتصب على الحال، وأوقع الاسم موقع اسم الفاعل، كأنه قدره متظبيا كما حكاه الهروي في الغريبين.
قلت: والذي صرح به الحافظ الذهبي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أرسله إلى من أسلم من قومه، وكتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها، فالوجه الأول هو المناسب للمقام، ولأنه كان أحد الأبطال معدودا بمائة فارس، كما روي ذلك، وكان مستوحشا منهم، فطمنه صلى الله عليه وسلم، وأزال عنه الوحشة والخوف، وأمره بأن يقر في بيوتهم قرار الظبي في كناسه، ولا يخشى من بأسهم، فتأمل.
في حديث الفتن روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر " من أشراط الساعة أن ينطق " الرويبضة " في أمور العامة " وهو " تصغير الرابضة، وهو " الذي يرعى الربيض، كما نقله الأزهري. وبقية الحديث: " قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: " الرجل التافه - أي الحقير - ينطق في أمر العامة ". وهذا تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للكلمة ". بأبي وأمي، وليس في نصه كلمة " أي "، بين التافه والحقير. قلت: وقرأت في الكامل لابن عدي في ترجمة محمد بن إسحاق عن عبد الله بن دينار عن أنس، " قيل: يا رسول الله، ما الرويبضة؟ قال: الفاسق يتكلم في أمر العامة " انتهى. وقال أبو عبيد: ومما يثبت حديث الرويبضة الحديث الآخر من أشراط الساعة " أن يرى رعاء الشاء رؤوس الناس ". وقال الأزهري: الرويبضة هو الذي يرعى الغنم، وقيل: هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها: وزيادة الهاء في الرابضة للمبالغة. كما يقال داهية - قال: والغالب عندي أنه قيل للتافه من الناس: رابضة ورويبضة، لربوضه في بيته وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة. قال: منه قيل: " رجل ربض على " (3)، هكذا في النسخ، وصوابه عن " الحاجات " والأسفار، " بضمتين "، إذا كان " لا ينهض فيها "، وهو مجاز. وقال اللحياني: أي لا يخرج فيها. من المجاز: قال الليث: فانبعث له واحد من الرابضة، قال: " الرابضة: ملائكة أهبطوا مع آدم عليه السلام " يهدون الضلال. قال ولعله من الإقامة.
وفي الصحاح: الرابضة " بقية حملة الحجة، لا تخلو الأرض منهم ". وهو في الحديث ونص الصحاح: منه (4) الأرض.
ومن المجاز: الربوض، " كصبور: الشجرة العظيمة "، قاله أبو عبيد، زاد الجوهري: الغليظة، وزاد غيره: الضخمة. وقوله: " الواسعة ". ما رأيت أحدا من الأئمة وصف الشجرة بها، وإنما وصفوا بها الدرع والقربة، كما سيأتي. وأنشد الجوهري قول ذي الرمة:
تجوف كل أرطاة ربوض * من الدهنا تفرعت (5) الحبالا والحبال: الرمال المستطيلة. "