ما خلقت هذه مدورة * إلا لهذا المكرعم الراس إلى آخر ما قالوه، مما يستهجن إيراده هنا. وأنا أستغفر الله تعالى من ذلك، وإنما إستطردت به هنا بيانا لوروده في كلام المولدين، وإن لم يسمع في الكلام القديم، خلافا لما ذهب إليه شيخنا من تصويب عربيته، ورد كلام ابن الأنباري ومن وافقه. على أنا إذا نظرنا من حيث اللغة وجدنا له إشتقاقا صحيحا، من الكس الذي هو الدق الشديد، سمي به لأنه يدق دقا شديدا، فليتأمل.
والكسيس، كأمير: نبيذ التمر، قال العباس بن مرداس:
فإن تسق من أعناب وج فإننا * لنا العين تجري من كسيس ومن خمر وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: الكسيس: شراب يتخذ من الذرة والشعير.
والكسيس: لحم يجفف على الحجارة، فإذا يبس دق فيصير كالسويق. وأخصر منه لو قال: لحم يجفف على الحجار ثم يدق كالسويق، يتزود في الأسفار، عن ابن دريد، سمي به، لأنه يكس، أي يدق.
والكسيس: الخبز المكسور، كالمكسوس والمكسكس.
والكسس، محركة: قصر الأسنان أو صغرها أو لصوقها بسنوخها. وقيل: هو خروج الأسنان السفلى مع الحنك الأسفل، وتقاعس الحنك الأعلى. كس يكس كسسا، وهو أكس وامرأة كساء، قال الشاعر:
* إذا ما حال كس القوم روقا * حال: بمعنى تحول.
وقيل (1): الكسس: أن يكون الحنك الأعلى أقصر من الأسفل، فتكون الثنيتان العلييان وراء السفليين من داخل الفم، قال: وليس من قصر الأسنان.
والكسكاس: الرجل الغليظ القصير *، قاله أبو مالك، وأنشد:
حيث ترى الحفيتأ الكسكاسا * يلتبس الموت به إلتباسا والتكسس: التكلف في الكسس (2) من غير خلقة.
والكسكسة لغة لتميم لا لبكر كما زعمه ابن عباد، وإنما لهم الكشكشة، بإعجام الشين. هو إلحاقهم بكاف المؤنث سينا عند الوقف دون الوصل، يقال: أكرمتكس، ومررت بكس، أي أكرمتك ومررت بك، ومنهم من يبدل السين من كاف الخطاب، فيقول: أبوس وأمس، أي أبوك وأمك، وبه فسر حديث معاوية رضي الله عنه: تياسروا عن كسكسة بكر، وقيل: الكسكسة لهوازن، وفيه كلام أودعناه في المقدمة.
* ومما يستدرك عليه:
الكسيس: من أسماء الخمر، وهي القنديد.
والكسيس: السكر، قال أبو الهندي:
فإن تسق من أعناب وج فأننا * لنا العين تجري من كسيس ومن خمر (3) وقال الصاغاني: الكسكسة: السكر (4) من الخمرة.
ويلحق بهذا الباب شيء يتخذه المغاربة من الدقيق، ويسمونه: الكسكسو، وبعضهم يسميه: الكسكاس، وقد ذكره الحكيم داوود في التذكرة، وذكر خواصه، وله وجه في العربية، بأن يكون مشتقا من الكس، وهو الدق الشديد، أو من الكسكسة، على قول ابن دريد، فتأمل. والعجب من شيخنا، كيف لم يستدرك هذا مع أنه أعرف الناس به.
[كعس]: الكعس: عظام السلامي. وقيل: هي عظام البراجم في، وفي بعض الأصول: من الأصابع، وكذا هي من الشاء والبقر وغيرها. وقيل: هي العظام التي تلتقي في مفاصل اليدين والرجلين، ومنه المثل للعامة: ما يساوي كعسا. نقله الليث. ج كعاس، بالكسر.
وقال الليث: الكعسوم بالضم: الحمار، بالحميرية والميم زائدة، وقال غيره: هو الكسعوم، بتقديم السين،