قال: فهب لي صمتا حتى ترى رأيي. قال: فخرج ابن عباس، فقال عثمان لمعاوية: ما ترى، فإن هؤلاء المهاجرين قد استعجلوا القدر، ولا بد لهم مما في أنفسهم، فقال معاوية: الرأي أن تأذن لي فأضرب أعناق هؤلاء القوم. قال:
من؟ قال: علي وطلحة والزبير، قال عثمان: سبحان الله! اقتل أصحاب رسول الله بلا حدث أحدثوه، ولا ذنب ركبوه؟ قال معاوية: فإن لم تقتلهم فإنهم سيقتلونك. قال عثمان: لا أكون أول من خلف رسول الله في أمته بإهراق الدماء. قال معاوية: فاختر مني إحدى ثلاث خصال؟ قال عثمان: وما هي؟ قال معاوية: أرتب لك ها هنا أربعة آلاف فارس من خيل أهل الشام، يكونون لك ردءا وبين يديك يدا، قال عثمان: أرزقهم من أين؟ قال: من بيت المال، قال عثمان: ارزق أربعة آلاف من الجند من بيت مال المسلمين لحرز دمي؟ لا فعلت هذا (1). قال: فثانية، قال: وما هي؟ قال: فرقهم عنك فلا يجتمع منهم اثنان في مصر واحد، واضرب عليهم البعوث والندب، حتى يكون دبر بعير أحدهم أهم عليه من صلاته، قال عثمان: سبحان الله؟ شيوخ المهاجرين وكبار أصحاب رسول الله، وبقية الشورى أخرجهم من ديارهم وأفرق بينهم وبين أهلهم وأبنائهم؟ لا أفعل هذا. قال معاوية فثالثة، قال: وما هي؟ قال اجعل لي الطلب بدمك إن قتلت، قال عثمان. نعم هذه لك إن قتلت فلا يطل دمي.
قال: ثم خرج عثمان فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، إن نصيحتي كذبتني، ونفسي منتني (2)، وقد سمعت رسول الله يقول: لا تتمادوا في الباطل فإن الباطل يزداد من الله بعدا، من أساء فليتب، ومن أخطأ فليتب، وأنا أول من اتعظ، والله لئن ردني الحق عبدا لانتسبن نسب العبيد، ولأكونن كالمرقوق الذي إن ملك صبر، وإن أعتق شكر، ثم نزل (3)، فدخل على زوجته نائلة بنت الفرافصة، ودخل معه مروان بن الحكم، فقال: يا