أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه إرادة أن يكون هذا الأمر له. وذلك لما رأيتم الدنيا قد أقبلت (1). أما والله لتتخذن نضائد (2) الديباج، وستور الحرير، ولتألمن النوم (3) على الصفوف الأذربي (4)، كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان (5)، والله لأن يقدم أحدكم فضرب عنقه في غير حدث خير له من أن يخوض غمرات الدنيا (6). فقال له عبد الرحمن بن عوف: خفض عليك من هذا يرحمك الله، فإن هذا يهيضك (7) على ما بك، وإنما الناس رجلان: رجل رضي ما صنعت، فرأيه كرأيك، ورجل كره ما صنعت، فأشار عليك برأيه، ما رأينا من صاحبك الذي وليت إلا خيرا، وما زلت صالحا مصلحا، ولا أراك تأسى على شئ من الدنيا فاتك (8). قال: أجل، والله ما آسى إلا على ثلاث فعلتهن، ليتني كنت تركتهن، وثلاث تركتهن ليتني فعلتهن، وثلاث ليتني سألت رسول الله عنهن، فأما اللاتي فعلتهن وليتني لم أفعلهن، فليتني تركت بيت علي وإن كان أعلن علي الحرب، وليتني يوم سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر فكان هو الأمير وكنت أنا الوزير، وليتني حين أتيت بذي الفجاءة السلمي (9) أسيرا أني قتلته ذبيحا أو أطلقته نجيحا، ولم أكن أحرقته بالنار. وأما اللاتي تركتهن وليتني كنت فعلتهن، ليتني حين أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا أني قتلته ولم استحيه، فإني سمعت منه، وأراه لا يرى غيا ولا شرا إلا أعان عليه، وليتني حيث بعثت خالد بن الوليد إلى الشام، أني كنت بعثت
(٣٦)