الحاكم، خصوصا في زمان الغيبة، مع كونه كالولي بالنسبة إلى المترافعين فلا يسمع دعواهما عليه، لأنها نظير دعوى المولى عليه على الولي حال ولايته، فالمناسب تخصيص الحكم بالقاضي المعزول الذي تزول ولايته.
وأخرى بأن سماعها لا يوجب وجوب النظر، بل يحصل التخلص عنها ببينة المدعي أو يمين المنكر، وإلى غير ذلك مما ذكر في المقام.
وأنت خبير بأن منشأ ذلك كله تعبير الشرائع والقواعد عن هذه الدعوى بدعوى الجور، وعدم تفطن الشراح لكون الحكم بوجوب النظر فيها وعدم التعرض فيها للبينة واليمين، قرينة على إرادة دعوى بطلان الحكم، ليرتفع أثره عن المحكوم عليه، لا ليضمن القاضي شيئا.
فالأحسن في التعبير: ما ذكره المصنف هنا من دعوى البطلان، وأحسن منه تعبير الدروس بقوله: " لو ادعى الخصم موجب الخطأ لزم النظر " (1)، لأن المتبادر من الجور - كما ذكرنا - الجور في كيفية فصل الخصومة، كأن يعمل بالبينة في غير محلها أو يهملها في محلها (و) كما (لو ادعى) أنه حكم عليه بشهادة (فاسقين (2)) مع عدم ثبوت عدالتهما عنده، أو غير ذلك مما لا مدخل للنظر في صدقه وكذبه، توجه بعض ما ذكروه (3) من التردد في احضاره قبل إقامة البينة، وإن جزم المصنف هنا بأنه (وجب احضاره، وإن لم يقم [المدعي] (4) قبل الاحضار (بينة)