اختلال النظام مرجحا.
وهذا بخلاف ما إذا استند الشاهد إلى الأصول في اثبات نفس المشهود به، كأن يشهد بالاشتغال للاستصحاب، فإن مورد الادعاء والانكار ليس إلا هو الاشتغال الواقعي وليس الشاهد عالما به.
هذا غاية ما يمكن أن يستدل به على عدم جواز الشهادة مستندا إلى الأصول في اثبات المشهود به.
ولكن الحق الحقيق بالاتباع هو جواز الشهادة مستندا في اثبات المشهود به إلى الاستصحاب وغيره من الأصول، سواء كان على وجه ايراد الشهادة مع الجزم على الأمور الظاهرية الثابتة بالطرق الغير العلمية، أو كان على وجه ايرادها بصورة الجزم على الأمور الواقعية.
أما الأول، فلأن الأصول الظاهرية وإن كانت لا تفيد العلم بالواقع إلا أنها تفيد العلم بالظاهر، وما اعترفنا به سابقا - من أنها تجعل المشكوك كالمعلوم لا الشك كالعلم حتى يترتب عليه آثار العلم بالشئ - فإنما كان بالنظر إلى الواقع، بمعنى أنه إذا ترتب حكم على العلم بالشئ الواقعي - كالتصدق في المثال المذكور المعلق على اليقين بالحياة الواقعية - لم يحكم عليه بمجرد ثبوت الشئ بالأصول، ولا يخفى أن جواز الشهادة مطلقا ليس مترتبا على العلم بالشئ الواقعي، بل الشهادة بالشئ الواقعي متفرع على العلم بالشئ الواقعي، والشهادة بالشئ الظاهري إنما تتفرع على العلم بالشئ الظاهري، فإذا علم الشاهد بملكية شئ لزيد سابقا وشك في بقائه على ملكه، فأدلة الاستصحاب وإن لم تفده العلم بالملكية الواقعية ولم تجعل شكه فيها بمنزلة علمه بها - كما اعترفنا سابقا - إلا أنها أفادته العلم بالملكية الظاهرية فيشهد بها عن علم قطعي.