مفسر في كلام غير واحد (1) بالعجز عن أداء الحق، لعدم تملكه ما زاد على المستثنيات. مع أن الحكم بتخلية السبيل معلق في رواية سلمة المتقدمة (2) بمن لم يكن له مال ولا دار ولا عقار، فعدم هذه الأمور إما نفس المناط أو معرف له.
ثم إن الحكم - هنا - بإحلاف مدعي الاعسار لا ينافي مطالبة مدعي اليسار أولا بالبينة، كما تقدم في نظيره - أعني: مطالبة مدعي حدوث الاعسار البينة (3) - أنه لا ينافي توجه اليمين إلى منكره عند عدم البينة.
ثم إن ما ذكر كله حكم اعتراف المدعي عليه، (وإن أنكر) ما ادعي عليه (طولب المدعي بالبينة) إذا قال ابتداءا أو في جواب الحاكم:
" لي بينة أريد أن أقيمها "، وأما مطالبته بالبينة ابتداءا فلا وجه له وإن سمعت لو أحضرها، لأنه قد لا يريد إقامتها.
نعم، لو شهد الحال بأنه يريد قطع الدعوى فللحاكم أن يقول له:
" أقم بينة أو أحلف المنكر "، فإن أقام بينة فسيأتي حكمها.
(وإن قال: لا بينة لي) واقتصر على ذلك عرف أن له احلاف المنكر إن لم يعرف ذلك، فإن لم يطلب احلافه أعرض الحاكم عنهما واشتغل بغيرهما. وليس للحاكم احلافه، لأن الحلف مسقط لحق المدعي فلا يصح من دون إذنه، فإنه قد يتحرى له وقتا صالحا لا يجترئ المنكر فيه على الحلف، وقد ينتظر تذكر البينة.