والمراد من الشهادة استنادا إلى هذه الأمور إما الاخبار عن جزم بمقتضى تلك الطرق وهي الأمور الظاهرية، وإما الاخبار بصورة الجزم عن الأمور الواقعية، كما قد تورد الدعوى بصيغة الجزم مع عدم الجزم في الواقع.
ولما كان حكم الاستناد مختلفا في هذه المذكورات جوازا ومنعا لم يكن بد من الكلام في كل واحد مستقلا، وعساك تظفر في تضاعيف كلماتنا بضابطة كلية في بيان ما يجوز استناد الشاهد إليه وما لا يجوز، إن شاء الله تعالى.
فنقول: أما الاستصحاب وغيره من الأصول فاستناد الشاهد إليها على أحد الوجهين المذكورين يتصور على وجهين:
الأول: أن يستند إليها في اثبات نفس المشهود به، كأن يشهد لزيد على عمرو باشتغال ذمته بدين في الحال مستندا إلى استصحاب الاشتغال.
الثاني: أن يستند إليها في إتمام السبب الذي جعله الشارع مثبتا للمشهود به، كأن يشهد لزيد بمالكية دار بمجرد علمه بأنه ورثه من أبيه، مستندا في صحة الإرث إلى أصالة كونه في يد الأب على جهة الملك، وأصالة بقاء الدار على ملك الأب إلى زمان الموت، وأصالة عدم وارث آخر له، وعدم طروء مانع من موانع الإرث في حق زيد، وغير ذلك من الأصول التي يعلمها (1) لتصحيح الإرث الذي هو سبب المشهود به أعني:
الملكية، وكأن يشهد بزوجية امرأة أو ملكية عبد بمجرد مشاهدة عقد النكاح والبيع مستندا في صحتهما واستجماعهما للشرائط إلى الأصول. إلى غير ذلك من الأمثلة.