فالرد عليه رد عليهم - فلا دليل على حرمة نقضه بحكم آخر من نفس الحاكم أو من غيره إذا تبين بعد النظر فيه خطأه بالاجتهاد، بل مقتضى وجوب الرجوع إلى الحق نقض الحاكم له، لأن الحكم الثاني يصير حكم الإمام عليه السلام، وغيره حكم الجور.
وبالجملة، فحال هذا الحكم حال الفتوى التي يرجع عنها المفتي، كما إذا وقع معاملة بالاجتهاد ثم تغير الاجتهاد، وهو المسمى ب " نقض الفتوى بالفتوى "، وقد علمت أن الأظهر فيه بحسب الأدلة النقض، وللمتأخرين هنا تفصيلات ليس هنا محل ذكرها.
وأولى منه: نقض الفتوى بالحكم، والظاهر أنه اتفاقي إذا كان الحكم في مقام فصل الخصومة، لأن مقتضى أدلة نصب الحاكم وكونه حجة كون حكمه نافذا على المتحاكمين وإن كان حكمهما بحسب الفتوى خلافه.
وظاهرهم عدم الفرق بين مخالفة المحكوم له للحاكم في الفتوى، وبين مخالفة المحكوم عليه إلا أن الحكم في الصورة الأولى لا يخلو عن اشكال، بل منع، لأن ظاهر أدلة حجية الحاكم حرمة رده ممن حكم عليه، ولو كان مقتضى فتواه بطلان حكمه.
أما جواز عمل المحكوم له بحكمه مع مخالفته لفتواه، فهو محل كلام، بل لا يجوز له الترافع إليه، مثل إذا تنازعا في بيع وقع على بعض المسوخات فحكم بالصحة، بناء على طهارتها، فإذا فرض اعتقاد أحد المتداعيين فنجاستها وفساد البيع، فكيف يجوز أكله الثمن بمجرد حكم الحاكم بالصحة؟! بل يحرم حينئذ مطالبة المشتري بالثمن والترافع به إلى من يرى طهارتها وصحة البيع، وسيأتي في كلام المصنف الجزم بالتحريم فيما إذا اعتقد