ولا فرق فيما ذكرنا بين حكام حال الحضور، وحكام زمان الغيبة، ويحتمل الفرق بناء على ظهور أدلة نصب حكام الغيبة في وجوب القبول عنهم وعدم جواز الرد عليهم (1).
وفيه: أن الواجب قبول حكم الله وعدم رده، والمفروض أن المحكوم عليه يدعي أن هذا ليس ذاك. غاية الأمر أن الحاكم أمين في إجراء حكم الله، وهذا المقدار لا يوجب عدم جواز هذه الدعوى.
نعم، يمكن الاستشكال في وجوب النظر في حكم الحاكم مطلقا بمجرد الدعوى أولا بعدم الدليل على سماع هذه الدعوى إن كانت على الحاكم الأول، إذ لا يلزم من ثبوتها ضمان عليه ولهذا لو اعترف الحاكم به لم يلزمه شئ، لأن الموجب للضمان هو تعمد الحكم بالجور، وأما الخطأ في الحكم فلو حصل بسببه إتلاف فإنما هو في بيت المال، مع أنه قد لا يوجد سبب الضمان، كما لو كانت دعوى الجور قبل ترتيب الأثر على الحكم.
ولو أرجعت هذه الدعوى إلى الدعوى على المحكوم له، بأنك لا تستحق شيئا لأجل هذا الحكم لم ينفع، لأن النافع له علم المحكوم له بذلك (2).