ومما ذكرنا ظهر أن المقصود منها رفع أثر الحكم الأول بالنسبة إلى المحكوم عليه، فعلى تقدير كونها مسموعة لا مخلص لها إلا وجوب نظر الحاكم الثاني في المسألة، ولذا لم يذكر أحد هنا في علاج هذه الدعوى غير النظر.
وليست هذه المسألة من جزئيات مسألة دعوى الجور على الحاكم التي يترتب عليها احضار الحاكم، أو مطالبة المدعي بالبينة، أو الحاكم باليمين، بل بإقامة البينة على أنه حكم بالعدل، وقد وقع التعبير عن هذه الدعوى بدعوى الجور في عبارة الشرائع (1) والقواعد (2)، فزعم بعض (3) شراحهما تبعا لكاشف اللثام، أنها من جزئيات مسألة الدعوى على القاضي، فذكر كاشف اللثام بعد التردد في احضار القاضي قبل إقامة البينة أنه " إذا نظر فيه وثبت الجور ضمنه ما تلف بحكمه. وإن لم يثبت، هل عليه اثبات أنه هل حكم بالعدل، أو القول قوله؟ " (4) وتبعه في ذلك بعض شراح الكتابين (5)، مع استشكال بعضهم في ذلك بأنه كيف له أن يقيم البينة المطلعة على الحكم الشرعي ليشهد أنه حكم بالعدل؟!
واستشكل آخر (6) فيه، تارة بعدم الدليل على سماع هذه الدعوى على