وأما حكم الارتزاق، فنقول: الظاهر أنه لا خلاف في جوازه له إذا كان فقيرا، ومع الغنى فيه قولان، ظاهر جماعة منهم المصنف (1) والشهيد (2) في بعض كتبهما: العدم، وإليه ذهب جمع من المتأخرين (3)، ولعله لأن الأخذ منه (4) مع الغنى لا مصلحة فيه فهو تضييع له (5)، مع أنه إذا لم يدخل في باب الحسبة لرفع حاجة القاضي، دخل في باب الأجرة المحرمة بما تقدم من صحيحة ابن سنان (6).
وفيه: منع ذلك، لأنه يوجب زيادة الرغبة فيه وعدم التقاعد عنه، والاشتغال بغيره، حيث لا يجب إلا كفاية فالأقوى جواز أخذه مع عدم الحاكة بما يراه الإمام عليه السلام أو من هو وكيله على بيت المال، حتى أنه لو كان بيد نفس القاضي جاز له أن يأخذ منه مقدارا يعلم أنه لو كان في يد غيره لم يقنع منه بما دون ذلك.
قال في المبسوط: إن القاضي الذي لا يتعين عليه القضاء إن لم يكن له كفاية، جاز له أخذ الرزق، وإن كان له كفاية فالمستحب أن لا يأخذ، فإن أخذ جاز، ولا يحرم عليه بل كان مباحا، وجواز اعطاء الرزق للقضاة إجماع، ولأن بين المال معد للمصالح - إلى أن قال -: هذا إذا لم يتعين عليه