أخرى غير النيابة في القضاء الذي هو وظيفة إمام العصر المختصة به، نظير ذلك سائر نوابه في أخذ الأخماس والصدقات التي تتفق في زمانه عليه السلام، ومع ذلك فلو جعل أحدا وليا لأخذها أبدا فلا مفر عن وجوب إطاعته.
والحاصل أن هنا أمرين: أحدهما - ما هو وظيفة إمام العصر عليه السلام وشغله، وهو مباشرة فصل الأمور الواقعة في زمانه، ولا ريب أنها مختصة في كل زمان بإمام ذلك الزمان، فإذا وكله إلى غيره فهو نائب عنه، ووال فيما هو من وظيفة المنوب، ولازم ذلك أنه إذا انتفت الوظيفة انتفت النيابة والولاية فيها.
والثاني - ما هو ولي فيه، وله السلطنة عليه، ولا ريب في أن هذه الولاية والسلطنة تعم جميع الأمور إلى يوم النشور، فلو وكله أو بعضا إلى غيره فهو وال عنه فيما له الولاية، فإذا لم يقيد توليته بزمان استمر زمان ولايته تبعا لولاية الأصل، والمفروض أن ولاية الأصل ثابتة حتى في الأمور الواقعة بعده، فولاية الفرع كذلك.
فإذا عرفت الفرق بين ما هو وظيفة وشغل لإمام العصر، وبين ما له فيه الولاية - وأن الأول مختص بالأمور الحادثة في زمانه، والثاني عام لجميع الأزمنة، فالمنصوب للأول: وال فيما هو الوظيفة، وفي الثاني: وال فيما له الولاية، وأن بموت الإمام يرتفع الأول، لارتفاع المتعلق فيه، دون الثاني، لبقاء المتعلق فيه - فاعلم أن القضاة المنصوبين التي ينصبهم بالخصوص من قبيل الأول، ولهذا اشترطوا فيه البلوغ عند التولية والعقل وغيرهما.
وأما الفقهاء المنصوبين منه بالتولية العامة فهو من قبيل الثاني، ولهذا لا يشترط وجودهم عند التولية فضلا عن استجماع سائر الشرائط.