نعم، يصلح هذا مبنى للحكم بأنه (يجب) في الجرح (التفصيل (1) على) ما هو (رأي) المشهور، لكنك قد عرفت أن العبرة بمذهب الفاعل في تحقق أصل المعصية اجماعا، وفي تحقق الفسق بها على الأقوى، فحينئذ لا يجوز له تفسيقه مستندا إلى سبب حتى يعرف منه اعتقاد كونه معصية كبيرة، وإلا فإذا احتمل في حقه أن يكون قد اعتقد بالتقليد أو الاجتهاد أن الفعل الفلاني مباح أو صغيرة لو يتوعد عليه بالخصوص، فضعف داعي تركه لظن أنه من الصغائر المكفرة، لم يجز تفسيقه به.
نعم، لو كان كان جميع المعاصي عند الحاكم كبيرة مفسقة، ولم يكن الأمر كذلك عند الفاعل، لم يبعد اعتبار مذهب الحاكم، لكن الاختلاف في هذه المسألة لا يوجب وجوب التفصيل، لأن الجرح إن كان مستندا إلى ما يكون معصية عند الفاعل كان فسقا عند الحاكم، وإلا لم يجز جرحه، لما عرفت من أن العبرة في تحقق المعصية مذهب الفاعل اجماعا.
فظهر مما ذكرنا: عدم الفرق بين التعديل والجرح في صحة الاطلاق وعدم وجوب [التفصيل] (2)، وإن القول المشهور بالتفصيل - في التفصيل بين الجرح والتعديل - لم يقم عليه دليل، وأن ما ذكره في المختلف (3) أولا من التسوية في لزوم التفصيل، وما جنح إليه أخيرا - وفاقا لبعض العامة (4) - من عكس التفصيل، كلاهما عليل، خصوصا بعد التعليل بما ذكره في الأخير