الإجازة، إذ لا يخفى الفرق بين الأمرين، فإن المجيز إنما يلتزم بما فعل نفسه، والفاسخ يهدم ما فعل نفسه، ومن البين أن المعاوضة لا يتقوم بفعل واحد، فلازم هدم أحدهما لما فعله، وحله حل العقد القائم بالطرفين، بخلاف النصب والعزل، فإن مقتضى الأول ثبوت الولاية، ومقتضى الثاني ارتفاعها، فلا محالة يكون الثاني ناقضا للأول، فنظيره في الفسخ والإجازة: ما إذا وكل صاحب المبيع فضولا شخصين في إجازة ما فعله الفضولي وفسخه، فأجاز أحدهما، فإنه ليس للآخر الفسخ قطعا، وكذا العكس.
ثم إن محل الكلام فيما إذا كان عزل العازل لمصلحة الأمر الذي نصب له، وأنه هل يجوز عزل فقيه آخر له من غير اعلام الناصب بكون عزله مصلحة ليعزله أو يعلم الناصب بالحال، ويلتمس منه عزله لأجل المصلحة؟
وأما إذا كان عزله اقتراحا، فالظاهر أنه لا يجوز قولا واحدا، لأن هذا الفعل الاقتراحي ليس مما أذن فيه ولا ولي عليه، وكذا لو كان لمصلحة نفس العازل المتعلقة بأمور دينه أو دنياه، إذ بم يؤذن للفقيه أن يتعرض - ولو بمصلحة دينية - في أمور الأيتام وأشباههم، مع قيام الغير بها على وجه ينقض ما فعله الغير، لأن إذن الإمام للفقهاء في ذلك على طريق الكفاية كما أن وجوبها على طريق الكفاية، فمتى قام أحدهم وتصرف فيما أذن له، فلا دليل على إذن غيره في التصرف فيما تصرف فيه.
ومنه يعلم عدم جواز التصرف بالعزل، حتى فيما إذا كان فيه مصلحة اليتيم أو الوقف، بل لا بد أن يعلم الفقيه الناصب حتى يعزل من نصب.
فحصل مما ذكرناه أن الأقوى أنه لا يجوز أن يعزل من نصبه الفقيه الأول مع حياته لوجوه: